القول في تأويل قوله تعالى : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } سورة الأنعام ..
{ وأن هذا صراطي} يقول : وهذا الذي وصاكم به ربكم أيها الناس في هاتين الآيتين من قوله : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } وأمركم بالوفاء به , هو صراطه , يعني طريقه ودينه الذي ارتضاه لعباده .
{ مستقيما } يعني : قويما لا اعوجاج به عن الحق .
{ فاتبعوه } يقول : فاعملوا به , واجعلوه لأنفسكم منهاجا تسلكونه فاتبعوه .
{ ولا تتبعوا السبل } يقول : ولا تسلكوا طريقا سواه , ولا تركبوا منهجا غيره , ولا تبغوا دينا خلافه من اليهودية والنصرانية والمجوسية وعبادة الأوثان وغير ذلك من الملل , فإنها بدع وضلالات .
{ فتفرق بكم عن سبيله } يقول : فيشتت بكم إن اتبعتم السبل المحدثة التي ليست لله بسبل ولا طلاق ولا أديان , اتباعكم عن سبيله , يعني : عن طريقه ودينه الذي شرعه لكم وارتضاه , وهو الإسلام الذي وصى به الأنبياء وأمر به الأمم قبلكم .
{ ذلكم وصاكم به } : هذا الذي وصاكم به ربكم من قوله لكم : إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ;
{ لعلكم تتقون } , يقول : لتتقوا الله في أنفسكم فلا تهلكوها , وتحذروا ربكم فيها فلا تسخطوه عليها فيحل بكم نقمته وعذابه .
عن جابر قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فخط خطا هكذا أمامه ، فقال : " هذا سبيل الله " وخطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، وقال : " هذه سبيل الشيطان " ثم وضع يده في الخط الأوسط ، ثم تلا هذه الآية : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) .