ماذا خسر المسلمون بخروجهم و عن طواعية من عهد دولة الشعب الديني إلى عهد دولة الشعب العلماني –1-
إن الكثير من المسلمين مازال لم يدرك بعد أن الإنتساب إلى شعب في العهود القديمة كان إنتساب إلى مجموعة بشرية ذات علاقة أسرية أو تسكن حيا معينا أو منطقة معينة، في حين أنها اليوم تعني إنتساب إلى مجموعة سياسية لها تاريخ و مصالح و أهداف و تقاليد خاصة تختلف إختلافا جذريا عن غيرها. الأمر الذي دفع بالبعض للقول أن الإنتساب إلى شعب في هذا العصر هو في الحقيقة إنتساب إلى ديانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
و مازال العديد منهم لم يدرك المخاطر و المصائب التي ترتبت على قبول كل فرد مسلم الإنتساب إلى شعوب قائمة على أساس إقليمي (ما أسميناه شعوبا علمانية) بعد أن كان الجميع أعضاء في شعب واحد. ولو كان الأمر مجرد تغير في العرف البشري لهان الأمر، و لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من حالة التخبط و التيه الذي تعيشه أمتنا، و الذي كان من نتائجه القاتلة إنهيار كل مسلمات الإسلام عند المسلمين أنفسهم، و سقوط المقدسات الإسلامية مما جعلها عرضة للتسفيه و التحقير من كل بني البشر حتى المسلمين منهم؟
إن إقامة الشعب المسلم الواحد ليست مسألة يوم أو يومين، بل هي عملية تغيير جذرية لكل فرد مسلم لبناء جيل لا يعرف عدة إنتماءات شعبية كما نعرفها نحن اليوم، بل لا يعرف سوى إنتماء واحد ووطن واحد و مستقبل واحد. فمتى يأتي ذلك اليوم الذي يدرك فيه المسلمون أن مايسمونه بالشعوب الإسلامية إنما هي شعوب وهمية لا وجود لها، فكيف ينتسبون لشعوب لا وجود لها أصلا و كيف يتبادلون تمييزاتها في معاملاتهم اليومية. لقد زرع أباؤنا و نحن نحصد ما زرعوا و علينا أن نزرع اليوم ليحصد أبناؤنا غير ما نحصد نحن اليوم.
و قد قررت أن أضع مجموعة من المقالات لأبين فيها ماذا حدث للأمة و ماذا حدث لمقدساتها و مسلماتها في عهد دولة الشعب العلماني، من خلال تبيان السنن الكونية التي تتحكم بكل البشر و كيف أثرت هذه السنن علينا، لنفسر الماضي و لنعلل الحاضر و لنرسم معالم المستقبل المشرق للمسلمين و الإسلام.
كما خصصت موقع على شبكة الإنترنت وضعت فيه الكثير من المعلومات التي جمعتها في العشر سنوات الماضية حول هذا الموضوع الذي أعتبره مفتاح التحرر و التقدم للمسلمين:
www.one-people.org
و جزاكم الله ألف خير