قال الله تعالى { وَكَانَ الله وَاسِعاً حَكِيماً } .
اقتران اسمه سبحانه ( الحكيم ) باسمه سبحانه ( الواسع ) : ولم يأت هذا الاقتران في القرآن إلا مرة واحدة ، إلا في هذا الموضع .
والواسع : مشتق من السعة فهو سبحانه الواسع لمطلق في أسمائه وصفاته وأفعاله وذاته ومتعلقاتها بحيث لا يحصي أحد ثناءً عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه 0
وحسبما بلغ علمنا وفهمنا لكلام أهل العلم ، تبين أن الله واسع في عدة أمور منها :
أولاً : أن الله واسع في علمه .
ولذلك جاء في اسمه ( الواسع ) مقترنا بالعليم في سبع آيات من كتابه كقوله { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } .
وقوله { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } .
وقوله { ولا يحيطون بشيء من علمه } .
ثانياً : أن الله واسع الرحمة .
فإن رحمته شملت جميع مخلوقاته حتى الحيوان بل وحتى الكافر { ورحمتي وسعت كل شئ }
ثالثاً: انه سبحانه واسع المغفرة .
قال تعالى { الذين يجتنبون كبائر الاسم و الفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة } فإن صغار الذنوب مع الإتيان بالواجبات ، وترك المحرمات تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شئ، فلولا مغفرته لهلكت البلاد و العباد .
رابعاً : أن الله واسع في حكمته .
كما في الآية التي معنا { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا } .
خامساً : أن الله واسع الكرم والفضل والعطاء .
فالخلق كلهم يتقلبون بين هذا الكرم المتناهي ، ومن كرمه انه يجازي على النفقة واحدة سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة .
سادساً : انه تعالى واسع السمع .
لقول عائشة رضي الله عنها [ تبارك الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب الحجرة وإنه ليخفى علي بعض كلامها فأنزل الله { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } ] .
سابعاً : أنه جل في علاه واسع الخلق والعظمة .
ولذلك هذه السموات والأرض خلقها على عظمها، ولكن الكرسي أعظم منها ، قال تعالى
{ وسع كرسيه السموات والأرض } .
- وقوله { حَكِيماً } .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه شفاء العليل :
( قد دلت العقول الصحيحة والفطر السليمة على ما دل عليه القرآن والسنُّة أنه سبحانه "حكيم" لا يفعل ، شيئًا عبثًا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل . بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل كما فعل كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل ..
وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا . وهذا في مواضع لا تكاد تحصى ، ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها ) .
والحكيم يتناول معنيين كبيرين :
- المعنى الأول : ( الحُكم ) .
أي : أن له سبحانه الحكم كله في الدنيا والآخرة . والحكم هنا يتناول الأحكام الثلاثة : ( الأحكام الكونية القدرية ، والأحكام الدينية الشرعية ، والأحكام الجزائية ) فله الحكم فيها كله لا شريك له في حكمه ، كما لا شريك له في عبادته قال سبحانه وتعالى { وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) } [ الكهف : 26 ] .
- المعنى الثاني : ( الإحكام ) .
أي : الذي له الحكمة البالغة في خلقه وأمره وشرعه فلا يخلق ولا يأمر إلا بما فيه المصلحة والحكمة ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها .
**************************
( المرجع ) :
1- [ كتاب ( ولله الأسماء الحسنى ) ]
2- [ كتاب : ( كلمات متنوعة في بعض أسماء الله تعالى وآثارها ) ] .