السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى : }إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتا{ [النساء: 103] أي : مفروضاً في أوقات محددة ؛ فالتوقيت هو التحديد ، وقد وقت الله الصلاة ؛ بمعنى أنه سبحانه حدد لها وقتاً من الزمان ، وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتاً مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( الصلاة لها وقت شرطه الله لها لا تصح إلا به ) .
وهذه المواقيت هي كما يلي :
1- صلاة الظهر : يبدأ وقتها بزوال الشمس ؛ أي : ميلها إلى المغرب عن خط المسامتة ، وهو الدلوك المذكور في قوله تعالى : } أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ..{ [الاسراء:78] ويعرف الزوال بحدوث الظل في جانب المشرق بعد انعدامه من جانب المغرب ، ويمتد وقت الظهر إلى أن يصير ظل الشيء مثله في الطول ، سوى فيء الزوال ، ثم ينتهي بذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو : (( وقت الظهر إِذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله )) رواه مسلم .
ويستحب تعجيلها في أول الوقت ؛ إلا في شدة الحر ؛ فيستحب تأخيرها للمنفرد والجماعة إلى أن ينكسر الحر قرب العصر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : (( إذا اشتد الحر ؛ فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم )) متفق عليه .
2- صلاة العصر : يبدأ وقتها من نهاية وقت الظهر ؛ أي من مصير ظل كل شيء مثله ، سوى فيء الزوال ، ويمتد إلى اصفرار الشمس على الصحيح من قولي العلماء ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو : (( ووقت العصر مالم تصفر الشمس )) رواه مسلم .
هذا وقت الاختيار ، ويمتد وقت الضرورة إلى غروب الشمس لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس ، فقد أدرك العصر )) متفق عليه .
وصلاة العصر هي الصلاة الوحيدة التي لها وقتان : وقت اختيار ، ووقت ضرورة.
ويسن تعجيلها في أول الوقت ، وهي الصلاة الوسطى التي نص الله عليها لفضلها ، قال الله -تعالى- : } حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ{ [البقرة:238]وقد ثبت في الأحاديث أنها صلاة العصر .
3- صلاة المغرب : يبدأ وقتها بغروب الشمس ؛ أي : غروب قرصها جميعه ؛ بحيث لا يرى منه شيء ؛ لا من سهل ولا من جبل ، ويعرف غروب الشمس في البنيان بإقبال ظلمة الليل من المشرق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر -رضي الله عنه-: (( إِذا أقبل الليل من ها هنا ، وأدبر النهار من ها هنا ؛ فقد أفطر الصائم )) ، متفق عليه ، ثم يمتد وقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر ، والشفق : بياض تخالطه حمرة ، ثم تذهب الحمرة ويبقى بياض خالص ثم يغيب ، فيستدل بغيبوبة البياض على مغيب الحمرة .
ويسن تعجيل صلاة المغرب في أول وقتها ؛ لما روى الترمذي وصححه عن سلمة : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إِذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب )) . قال الترمذي : "وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم" ، ولأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول والثاني بعد غروب الشمس .
4- صلاة العشاء : يبدأ وقتها بانتهاء وقت المغرب ؛ أي : بمغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل ، لما روى عبد الله بن عمرو ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ((ووقت العشاء إلى نصف الليل )) رواه مسلم .
وتأخير الصلاة إلى آخر الوقت أفضل للمنفرد والجماعة ، فإن شق على المأمومين فالمستحب تعجيلها في أول وقتها ؛ دفعاً للمشقة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآهم اجتمعوا عجل ، وإن رآهم تأخروا أخر . متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنه .
ويكره النوم قبل صلاة العشاء ؛ لئلا يستغرق النائم فتفوته ، ويكره الحديث بعدها ، وهو : التحادث مع الناس ؛ لأن ذلك يمنعه من المبادرة بالنوم حتى يستيقظ مبكراً ؛ فينبغي النوم بعد صلاة العشاء مباشرة ؛ ليقوم في آخر الليل ، فيتهجد ويصلي الفجر بنشاط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها ، متفق عليه من حديث أبي برزة رضي الله عنه .
وهذا إذا كان سهره بعد العشاء من غير فائدة ، أما إِذا كان لغرض صحيح وحاجة مفيدة فلا بأس .
5- صلاة الفجر : يبدأ وقتها بطلوع الفجر الثاني ، ويمتد إِلى طلوع الشمس ، لحديث عبد الله عمرو ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : (( ووقت الصبح من طلوع الفجر مالم تطلع الشمس )) رواه مسلم .
ويستحب تعجيلها إذا تحقق طلوع الفجر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بغلس ، متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنه .
ومن نسي الصلاة أو نام عنها ؛ يجب عليه المبادرة إلى قضائها ؛ قال صلى الله عليه وسلم في حديث أنس رضي الله عنه : (( من نسي صلاة أو نام عنها ؛ فليصلها إِذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك )) متفق عليه . فتجب المبادرة لقضاء الصلاة الفائتة على الفور ، ولا ينتظر إلى دخول وقت الصلاة التي تشابهها لما يظن بعض العوام ، ولا يؤخرها إِلى خروج وقت النهي ، بل يصليها في الحال .
مسألة : والقضاء يحكي الأداء ، فتقضى الصلاة كما تؤدى فتقضي جماعة ، أن كانت جهرية جهر والإ أسر .
وإذا كان عليه فوائت ، فإنه يقضيها مرتبه : الفجر ، فالظهر .. ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته العصر يوم الخندق بدأ بها ثم المغرب ، متفق عليه .
ويسقط الترتيب : بالنسيان ، والجهل ، وخشية فوت وقت الحاضرة ، ولأجل إدراك الجمعة ، والجماعة .
وتُقضى السنن والرواتب والوتر مع الفرائض .
ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقت الإختيار إلا لضرورة .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصدر / المختصر في العبادات
د . خالد بن علي بن محمد المشيقح
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة القصيم