الليل مدرسة يدرس فيها الكثير من الدروس يتربى فيها الكثير من الناس ويتخرج منها المخلصون الصادقون الصابرون يحملون فيها شهادة والنتائج فيها ظاهرة باهرة فمن الإخلاص وحقيقته إلى الصبر وتحمل الشدائد إلى صدق اليقين والتوكل على الله ولذة الخلوة والمناجاة لله
فأين ذاك عن عباد الهوى اعترفوا أن للهوى لذة في لحظة ثم تعقبها الغصص والآهات وقلق وحسرات وندم وخوف وهم وحيرة . حتى وصل الأمر لم نعرفه في مجتمعاتنا وهو الانتحار .
فهل هذه هي السعادة التي يدعونها مليئة بالغصص أين هذه اللذة المزعومة
من لذة المتهجدين بالأسحار ومناجاتهم للعزيز الغفار سجود وركوع وبكاء ودموع وخضوع وخشوع ، ففي الأسحار للذكر له حلاوته والصلاة خشوعها وللمناجاة سحرها إنها لتكسب في القلب أنساً وراحة وسعادة ونوراً إنها جنة الدنيا..
سعادة لا تنتهي تلامس أوتار القلب فتتسرب إلى بقية الجوارح تنسى معها النصب والتعب إنه ليمر في القلب لحظات أقول إن كانوا أهل الجنة في مثل هذا فهم في نعيم مقيم ..
أعلمتم أن النسيم إذا سرى حمل الحديث إلى الحبيب كما جرى . جهل الحبيب أني في حبهم سهر الدجى ألذ عندي من الكرى ..
قال عبد الله بن وهب : كل ملذوذ إنما له لذة واحدة إلاّ العبادة فإن لها ثلاث لذات :
1- إذا كنت فيها 2- إذا تذكرتها 3- إذا أعطيت ثوابها ..
أما الشهوات إذا تذكرها فغصص وآهات وحسرات فيا كل غافل ولاهي شتان بين ملاهي الشيطان وآيات الرحمن ..
أفق فلو شممت رحيق الأسحار لأستفاق قلبك المخمور صاح الديك فلم تنتبه .. رياح الأسحار لا يستنشقها مزكوم غفلة فابسط لسان الاعتذار وأكثر الاستغفار ولن تجد لهذا أرق من نسيم الأسحار .
{ كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وعن حذيفة قال: { صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم]. وعن ابن مسعود قال:
{ صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده )
وها هو حال سلفنا الصالح
قلوب تعلقت بالعرش
همم تتوق الى اللقاء
أناس عرفوا أين النعيم
نعيم الجنه
فدخلو جنة الدنيا
بالقيام فى ظلمة الليل بدموع تغسل القلوب
وخشوع تقشعر منه والابدان
انهم الصادقين حقا
فإن قيام الليل هو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين وعمل الفائزين، ففي الليل يخلُ المؤمنون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم فيشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها عاكفة على مناجاة بارئها،تتنسم من تلك النفحات وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات
* قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره .
* أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسين بن زياد رحمه الله ، فقال له : يا حسين : ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول الرب : كذب من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ؟!!
أليس كل حبيب يخلو بحبيبه ؟!!
ها أنا ذا مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل
غداً أقر عيون أحبائي في جناتي .
* قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ فقال : لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف .
* قال عطاء الخرساني رحمه الله : إن الرجل إذا قام من الليل متهجداً أصبح فرحاً يجد لذلك فرحاً في قلبه ، وإذا غلبته عينه فنام عن حزبه ( أي عن قيام الليل ) أصبح حزيناً منكسر القلب ، كأنه قد فقد شيئاً ، وقد فقد أعظم الأمور له نفعا ( أي قيام الليل ).
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل: فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور: الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام. الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه. الثالث:ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام. الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل. وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور: الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا. الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل. الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل. الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
فأين أنتَ وأين أنتى من هذا النعيم يامن اغرقت الهموم ........... وانهكتك الغموم................. ومن الحزن انت مكظوم........... هاهى من عصرنا أمرأه ولكـــ؟؟ـــن عـــ35ــاماً لم تترك قيام الليل...قصه واقعيه
في الساعة السابعة إلا ربع اتصل بي الإسعاف وقال: إن هناك مريضة أصيبت في جلطة نريدك أن تأتي لتراها جئت، وعندما وصلت إلى باب الإسعاف توقف قلبها، بدأت أدلك وما أن بدأت دقيقة أو دقيقتين إذا بها تصحى وتنظر إلى السماء كأنها تخاطب أحداً ثم ترفع يدها وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأقف ثم تقف ثم أبدأ بالتدليك، وأدلك لمدة دقيقتين أو ثلاثا وتعيد الكرة وتنظر إلى السماء وترفع يدها وتقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم تقف وأبدأ بالتدليك ،وفي المرة الثالثة رأيت العجب رأيت قدرة المولى - سبحانه وتعالى - كررتها الثالثة تنطق بالشهادة وإذا بعيني تقع على جهاز القلب الموصول بقلبها وأجد قلبها لا يعمل ولسانها أنطقه العزيز المنان الكريم التواب الرحيم ليكون حجةً علي وعلى غيري أنطقها بالشهادة لأنها عرفت ربها فحفظها ربها ذهبت إلى زوجها معزياً وبعد أن عزيته ذكرت له ما رأيت فيها، قلت: على أي شئ زوجتك هذه؟ قال: يا دكتور أنا لا أستغرب، فمنذ أن تزوجتها منذ 35 عاماً لم تترك قيام الليل إلا بعذرٍ شرعي ، فمن منا يا إخوان يقوم الليل ؟ قليل ماهم إخواني من يريد أن يكون مع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ؟ أصبحنا لا نستحي ينزل العزيز المنان الكريم التواب الرحمن الرحيم إلى السماء الدنيا ونحن نيام
رسولنا المصطفى- صلى الله عليه وسلم - الذي غفر ما تقدم وما تأخر من ذنبه يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ونحن كأننا ضمنا الجنة كأننا ضمنا كل شئ لا نقوم وإذا قمنا إلى الفجر قمنا كسالى، أمر عجيب