لا أحد ينكر الفوائد الكبيرة التي جناها العالم من اكتشاف واستخدام الإنترنت سواء في مجالات العمل العديدة والتي نتج عنها تسهيل الإجراءات، حيث أصبح يتم إنجاز العديد من الأعمال المهمة من المنزل، وأصبحت وسائل الإعلام تعتمد عليه بصورة كبيرة إلى أن أصبح العالم بأجمعه مثل القرية الصغيرة كما يقولون.
كما أن من أهم فوائد الإنترنت على المستوى الشخصي القدرة على التواصل المباشر مع جميع أنحاء العالم بدون أي تكلفة تذكر، كذلك نشأت وسائل التواصل المباشر المختلفة التي أصبح لها ثقلها الكبير لإبراز آراء المجتمع في المواضيع المختلفة بالمدح أو النقد.
وكان الوضع قبل وجود الإنترنت أن يكتب الإعلامي سواء الأديب أو الشاعر أو الرياضي وغيرهم في الصحف عن المثاليات فتنطبع في أذهاننا صورة المثالية في أشخاصهم نظراً لأننا لا نعرف عنهم سوى كتاباتهم الجيدة في الغالب.
بعد استحداث وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومنها الفيس بوك، وتويتر وواتس آب ويوتيوب أصبح لمعظم الكُتّاب وغيرهم حسابات خاصة بهم شخصياً يطرحون آرائهم وأفكارهم من خلالها.
الشيء اللافت في تويتر أو في المنتديات العامة وخاصة الرياضية منها هو وجود كم مُلاحظ يتضمن إساءات مباشرة أو غير مباشرة إلى الآخرين الذين قد نختلف معهم في الآراء، وهذا نجده بوضوح في منتديات الأندية الرياضية حيث يتبادل بعض أنصار الفرق السباب والقذف مع أنصار الفرق المنافسة، وقد يشتم هؤلاء المشجعون رؤساء أنديتهم إذا خسروا من الأندية الأخرى، بل قد يتعدى ذلك إلى سب الوالدين.
لا أعلم كيف يُعطى من يشتم في تويتر أو في غيره لنفسه الحق في التعدي على الآخرين وشتم أمهاتهم؟، وهل يقبل ذلك الشاتم أن يسبّه الناس ويلعنوا والديه والعياذ بالله.
وهنا أعود إلى عنوان هذا الموضوع والذي يرمز لحال البعض الذين أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي سَوْآتُ أخلاقهم وقلة احترامهم للآخرين، وقبل ذلك الاستهانة بوعيد الخالق جل وعلا الذي قال في محكم كتابه {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا} [الإسراء:13].
إن ما نشاهده أو نسمع عنه عما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي من إساءات لفظية تتضمن القذف والسب والشتم والتشهير تعكس تربية وشخصية من يقولها، وعدم احترامه لحقوق الآخرين، وكذلك عدم تقديره للعواقب الدنيوية المتمثلة في العقوبات التي ينص عليها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، حيث بلغ عدد قضايا السب والشتم خلال العام الماضي التي نظرتها المحاكم الجزائية ما يقارب ١٠٩١ قضية، ومنهم شاب سعودي قضت عليه المحكمة الجزئية بالرياض بالسجن ثلاثة أشهر والجَلد ٨٠ جَلدة، إضافة إلى تغريمه 10 آلاف ريال لكتابته تدوينة ضد شخصية عامة، .وقبل ذلك عدم تقديره لعقاب رب العالمين في يوم الحساب.
إن أهداف وسائل التواصل الاجتماعي وكما يُفهم من أسمها أنها وسائل للتعارف بين الثقافات المختلفة، وتبادل العلم النافع، ونقل الأخبار، والدعوة إلى الخير، وإلى غير ذلك من الأهداف المفيدة للفرد والمجتمع، وهذا ما يجب أن تتضمنه مشاركاتنا والتي يجب أن نضع نُصب أعيننا دائماً بأننا مُراقبون ومُحاسبون من الله على كل ما نقوله أو نكتبه، قال سبحانه وتعالى: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].
دمتم سالمين.
*العنوان مأخوذ من الآية الشريفة: قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}[الأعراف:22].