حكم الدعاء بالصيغة التي جاءت في حديث ضعيف
السؤال :
إذا ورد دعاء في حديث ضعيف أو موضوع ليس فيه محظور شرعي ، فهل يجوز الدعاء به من باب الاستفادة من الصيغة ، لا من باب التعبد به ؟
الجواب :
الحمد لله
الدعاء نوعان :
النوع الأول : دعاء مقيد بزمان أو مكان أو عبادة أو عدد أو فضيلة : كدعاء استفتاح الصلاة ، ودعاء دخول الخلاء ، والأدعية التي تقال عند النوم ، أو دعاء دخول المسجد ونحو ذلك .
فهذا النوع لا يجوز فيه استحداث دعاء آخر غير ما ورد به الشرع ، فكما أنه يشترط فيه إخلاصه لله عز وجل ليكون مقبولا ، فكذلك يشترط فيه المتابعة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وأما اتخاذ ورد غير شرعي ، واستنان ذكر غير شرعي فهذا مما ينهى عنه ، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (22/511) .
وقال العلامة المعلمي رحمه الله :
"وما أخسر صفقة من يَدَعِ الأدعيةَ الثابتة في كتاب الله عز وجل أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكاد يدعو بها ، ثم يعمد إلى غيرها فيتحراه ويواظب عليه ، أليس هذا من الظلم والعدوان ؟!" انتهى .
"العبادة" (524) .
والذي ينبغي هو التزام ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة من الأدعية التي يدعى بها في الأوقات والأحوال المختلفة .
ولهذا اعتنى أهل العلم بجمع الأدعية المأثورة لتكون بين أيدي الناس وفي متناولهم ، فيستغنوا بها عن الأدعية المبتدعة التي لم تثبت .
قال الإمام الطبراني رحمه الله في مقدمة كتابه "الدعاء" (22) :
"هذا كتاب ألفته جامعا لأدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حداني على ذلك أني رأيت كثيرا من الناس قد تمسكوا بأدعية سجع ، وأدعية وضعت على عدد الأيام مما ألفها الوَرَّاقون ، لا تروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا عن أحد من التابعين بإحسان ، مع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكراهية للسجع في الدعاء والتعدي فيه ، فألفت هذا الكتاب بالأسانيد المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى .
أما النوع الثاني : فهو الدعاء المطلق : وهو الذي يدعو به الإنسان في الأحوال أو الأوقات التي لم يرد فيها دعاء معين في الشرع ، مثل الدعاء في الثلث الأخير من الليل ونحوه .
فهذا ليس فيه دعاء معين مقيد من الشرع ، بل هو متروك لنفس كل داع ، يسأل الله تعالى حاجته ، وفي هذا النوع لا حرج من الاستفادة من أدعية الصالحين ، أو صيغ الدعاء الواردة في بعض الأحاديث الضعيفة ، إذ قد يكون فيها من جوامع الكلم ، وحسن الثناء على الله ، وحسن المسألة ما يقربها إلى قلب المسلم ، بشرط ألا يكون في هذه الصيغ نكارة ، وألا يعتقد لها فضيلة معينة ، وألا يلازم الدعاء بها ، فلو دعا بها أحيانا فلا حرج في ذلك ؛ لأنه بالتزامها يعطيها مرتبة السنة .