خارطة الطريق والحصاد الاثيم

خارطـة الطريق والحصـاد الأثيـم

تتوالى التحركات الأمريكية هذه الأيام للبدء بتنفيذ المراحل الأمنية مما يسمى بخارطة الطريق، ويتدافع الحكام الصنائع وراء بوش ليعرفوا أدوارهم في تلك الخارطة وهو يطرح الحلول عليهم باعتبارهم يعيشون في صحراء التيه ولا يعرفون للنجاة طريقاً، وعليهم إن هم أرادوا النجاة بأنفسهم وعروشهم أن يسيروا وفق خارطة الطريق ولا يحيدوا عنها ليصلوا بأمان إلى رضاه عنهم، وإلا فإنه "سيحرر" شعوبهم من أنظمتهم الفاسدة كما فعل مع صدام ! فقد قال في كلمته في العقبة:"ووعدوا بوقف كل مساعدة وتدفق المال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية ومساعدة رئيس الوزراء عباس في تحرير الأراضي الفلسطينية من الإرهاب." فالحكام العرب مستعدون للسير في تحرير فلسطين من الإرهاب كما يقول بوش، وهذه الصورة تؤكد حالة الوهن التي أُركسوا فيها، وحالة الاستكبار التي تعمي أمريكا وتُصمّها والتي سوف تقودها إلى حتفها بإذن الله، فهذه سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴿ولن تجد لسنة الله تبديلا﴾.
وفي هذا المشهد المفتعل يُبرَزُ شخص آخر من رموز منظمة التحرير ليكون رمزا لمرحلة جديدة يراد فيها أن يُضمن أمن اليهود وتصاغ المنطقة وفق المصالح الأمريكية.فقد أرادت أمريكا إنهاء المقاومة على خلفية الإحباط الذي ظنت أنها خلقته في المنطقة بعد انهيار البعثيين المهين في بغداد لفسادهم وتواطؤ الحكام الصنائع من حولهم.ولكن عرفات لم يعد مناسبا لأي دور ذي بال فضلا عن أن يكون مناسبا لهذا الدور الجديد فاصطنعت أمريكا أبا مازن الذي راح يتحدث عن اليهود وضرورة أن ينعموا بالأمن في دولتهم وأن يوضع حد لعذاباتهم بإيقاف الإرهاب الذي يتنافى مع "تقاليد شعبنا" فقال: . "وفي ذات الوقت، لا نتجاهل عذابات اليهود على مر التاريخ وقد حان الوقت لإنهاء كل هذه المعاناة." وقال:"لا يوجد حل عسكري لصراعنا ونكرر إدانتنا ورفضنا للإرهاب والعنف ضد الإسرائيليين أينما كانوا. إن هذه الوسائل لا تنسجم مع تقاليدنا الدينية والأخلاقية بل تشكل عقبة خطيرة أمام دولتنا المستقلة" وقال: " هدفنا واضح وسنطبقه بحزم وبلا هوادة، نهاية كاملة للعنف والإرهاب."
وبهذا يظهر مدى الإجرام الذي لعبته منظمة ما يسمى بالتحرير عندما قادت أهل فلسطين على مدى عقود لزرع أعمال سمتها جهاداً ونضالاً وكانت في كل موسم تنهي هذه الزراعة بحصاد أثيم على أيدي رموز لا يمُتّون للأمة وقضاياها بصلة. وليس حكام المسلمين بأقل إجراماً من "منظمة التحرير" بل إنهم هم الذين أوجدوها وأرضعوها وأمدوها بأسباب الحياة بأمر أسيادهم الكفار وساعدوها في تنفيذ أدوارها الخيانية. وهم اليوم ومنذ مدة طويلة يدخلون في مساومات مع الحركات الإسلامية المقاومة أملاً في إدخالها في البرامج الجديدة المرسومة تحت مسميات وذرائع، كضرورة عقد هدنة لفحص نوايا اليهود، وضرورة وحدانية القيادة الفلسطينية وتجنب الحرب الأهلية وغير ذلك، وينشط في ذلك سمسار الخيانات مبارك وقد أرسل أخيرا مبعوثين للتوسط بين أبي مازن وهذه الحركات أملاً في حصول اختراق. هذا بالإضافة إلى أن هذه الوساطات المشبوهة مضى عليها مدة طويلة.وفي هذا المقام فإننا ننصح ونحذر الإخوة في الحركات الإسلامية من التعاطي مع حكام المنطقة أو السير في برامجهم فهم وسطاء مخلصون لأمريكا وهم مبعوثون إليكم منها ليوظفوا أعمالكم وجهادكم في حصادهم الأثيم هذا.فاقطعوا علاقاتكم بهؤلاء الحكام قبل أن يفسدوا عليكم أمركم، هذا إن لم يكونوا أفسدوا بعضه.
كما نخاطب المخلصين من أعضاء التنظيمات الأخرى أن يقفوا الموقف الذي يحبه الله ورسوله ويحولوا دون تمرير هذا المخطط الخطير الذي يهدف إلى ضمان أمن اليهود بأيدي أهل فلسطين بجعل الجهاد إرهابا تجب محاربته، وإعطاء الشرعية لكيان اليهود المغتصبين على معظم أرض فلسطين. فالله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ﴾ كما نُذكر أعضاء الأجهزة الأمنية أن هذه الدولة التي يراد منهم حمايتها هي نفسها التي كانت تستهدفهم وتقتلهم، فليتقوا الله في أهلهم وإخوتهم ولا يكونوا أداة طيعة في أيدي من يريدون أن يعيشوا حتى النفس الأخير في خدمة أسيادهم الكفار فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه" ولا يُغرينّكم المال الذي يُدفع لكم، فإن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها.وتذكروا قول الله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾.
وينبغي أن يعلم الناس أن بوش جاء إلى هذه القمة لا ليعطي أهل المنطقة دولة أو اقتصاداً أو ليرفع عنهم الأغلال بل جاء ليضيف إلى إنجازه في العراق إنجازاً في فلسطين ليضاف ذلك إلى رصيده في الانتخابات فهو بتطبيق ما يتعلق بأمن اليهود وحديثه عن دولة لليهود في فلسطين بما يسقط "حق العودة" ويجعل من تبقى من أهل فلسطين التي احتلت عام 48 في مدنهم وبلداتهم موضوع مساومة ، كأن يكونوا مسوغا لوجود المستوطنات مثلا. فهو بذلك كله يضمن أصوات اليهود في الانتخابات القادمة. فقد قال في كلمته في قمة العقبة: "الولايات المتحدة اليوم ملتزمة بقوة، وأنا ملتزم بقوة، بضمان أمن إسرائيل كدولة يهودية تنبض بالحياة."
أيها المسلمون:
لقد جاءت خارطة الطريق تطلب تجنيد أهل فلسطين ليقتل بعضهم بعضاً أو يعذبه أو يسجنه حفاظاً على أمن اليهود القتلة المغتصبين الكفار، وثمن ذلك وعود بقيام دولة فلسطينية هزيلة مقطعة الأوصال تضاف إلى دول العمالة التي لم تغن عنكم شيئا، فهل هذا ما تنتظرون؟! وهل يحل مشاكلكم غير دولة واحدة تقوم على أنقاض دول الضرار والخيانة والهوان؟! دولة تنطلق بأمر الله ترفع راية الجهاد ليستظل تحتها رجال تعشّقوا العزة وزهدوا في حطام الدنيا وأقبلوا على الله يبتغون رضوانه وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. هذه هي الدولة التي ستنقذكم، وهي قائمة بإذن الله وقد لاحت بشاراتها، والله مصطنع لها جنودا فكونوا من جنودها وبانٍ لها صرحاً فكونوا من لبناتها ولا تغرّنكم وعود أمريكا وصنائعها فإنهم حزب الشيطان، وما يعدكم الشيطان إلا غرورا. وثقوا بوعد ربكم بقيام دولتكم إذ قال: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليُمكّننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليُبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾.

8/ ربيع الآخر/1424هـ
8/6/2003م
حـزب التحـرير – فلسـطين

رغم أن الثمن كان هو الدمــــــــــاء , ولكن هذه هي عــــــادة الشرفاء من الفلسطينيين الذين تعودوا أن يبذلوا الغـــــــــالي في سبيل وطنهم , وهاهو الرد أتى قويـــــــاً في وجه من نـــــاندى بخطة الطريق المزعومه والتي أراد الإبن بوش أن يثبت للعالم بأنه الوحيد الذي إستطــــــاع أن يكون وسيط السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين , وأتى الرد سريعـــــاً من قبل المجاهدين الذين فجّروا أنفسهم وقتلوا كلاب اليهود , ونجحوا في إثارة حنقهم وردوا سريعاً وبذلك تم نسف خطة الطريق .

هنيئــــــــاً للفلسطينيين هذا الفكر , وهذا الدم الطاهر في سبيل الله ومن ثم سبيل وطنهم ووطننا فلسطين .

أشكرك أخي المقدسي على المنقول .