يا جارةَ الوادي ، طَرِبْتُ وعادني=ما يشبهُ الأَحلامَ من ذكراك
مَثَّلْتُ في الذكرى هواكِ وفي الكرى=والذكرياتُ صَدَى السنينَ الحاكي
ولقد مررْتُ على الرياض برَبْوَةٍ=غَنَّاءَ كنتُ حِيالَها أَلقاك
أذكرت هرولة الصبابة والهوى=لما خطرت يقبلان خطاك ؟
فذهبت في الأيام أذكر رفرفاً=بين الجداول والعيون حواك
ضحِكَتْ إِليَّ وجُوهها وعيونُها=ووجدْتُ في أَنفاسها ريّاك
لم أدر ما طِيبُ العِناقِ على الهوى=حتى ترفَّق ساعدي فطواك
وتأَوَّدَتْ أَعطافُ بانِك في يدي=واحمرّ من خَفَرَيْهما خدّاك
ودخَلْتُ في ليلين : فَرْعِك والُّدجى=ولثمتُ كالصّبح المنوِّرِ فاكِ
ووجدْتُ في كُنْهِ الجوانحِ نَشْوَةً=من طيب فيك ، ومن سُلاف لَمَاك
وتعطَّلَتْ لغةُ الكلامِ وخاطبَتْ=عَيْنَىَّ في لغة الهوى عيناك
ومَحَوْتُ كلَّ لُبانةٍ من خاطري=ونَسِيتُ كلَّ تَعاتُبٍ وتشاكي
لا أمسِ من عمرِ الزمان ولا غَدٌ=جُمِع الزمانُ فكان يومَ رِضاك
أحمد شوقي