التنشئة السليمة لأطفالنا لا تأتي مصادفة ، والتربية المشرقة لا تتحقق بين يوم وليلة ، في هذه السطور نقدم لك الأمر خطوة خطوة لإعداد جيل ملتزم تزينه أخلاقه ويكون موضع افتخارنا . .
نشأة طفل قادر علي التعايش مع من حوله ويكون اجتماعياً بطبعه يستطيع التكيف مع بيئته تعد من أكبر المسؤوليات الملقاة علي عاتق الوالدين ، ومعني تنشأة الطفل تنشأة اجتماعية هو تأديبه منذ أظفاره علي التزام الآداب الاجتماعية الفاضلة والمعاملات الإنسانية وهذا الأمر يكون له أكبر الأثر في انتشار حسن المعاملة بين أفراد المجتمع المسلم والسبيل إلي إعداد طفل مسلم قادر علي أن يأخذ ويعطي بأدب واحترام ويبيع ويشتري ويخالط ويعاشر هو مروره بعده محطات وعدة جمل أهمها :
1- لتأت معي :
إن اصطحاب أبنائنا لمجالس الكبار درس تعليمي اجتماعي كبير ، فهناك في عالم الكبار يستطيع الابن أن يتعلم كيف يتكلم وكيف يستأذن ، عندما يتحدث ويتعرف علي أحاديث الكبار ، وقد تدرب علي دخول المجتمع وفي اجتماعه بالكبار فرصة لأن يحدثونه وينصحونه ويوجهونه .
فهذا عمر يصحب ابنه إلي مجلس رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ، أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) : أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولا تحت ورقها ، فوقع في نفسي النخلة فكرهت أن أتكلم ، وثم أبو بكر وعمر ، فلما لم يتكلما قال النبي ( صلي الله عليه وسلم ) ، هي النخلة ، فلما خرجت مع أبي قلت : يا أبتاه وقع في نفسي النخلة قال : ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا قال : ما معني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت ، وفي رواية ، فإذا أنا أصغر القوم فسكت .
2- لنذهب إلي :
الطفل القادر علي التصرف ما هو الإ نتاج تربية علمته تحمل المسؤولية وعلمته اللطف في المطلب وطاعة الوالدين ومساعدة الأكبر سناً في قضاء حوائجهم ، وهذا الشيء يأتي بالتدرج حينما ندعو الطفل ليذهب ليأتي ببعض الطلبات أو أن نصطحبه معنا في الأسواق ليتعلم أدب الشراء والتعامل مع الناس الوالدين ، ونحن هنا نعلمه علي تحمل المسؤولية وقضاء حاجات الوالدين حتي تنشأ لديه حاسة العطاء دون الطلب في معرفة مطالب الوالدين ،ولقد كان الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) ، يكافئ الأطفال بالدعاء لقاء خدمتهم ونحن مدعوين أيضاً بكثرة الدعاء لهم عسي أن تحصل الاستجابة .
3- لنفش السلام :
كثيراً ما يصطحب الأبناء من المدرسة فيفتح الابن باب السيارة ويدخل ويجلس دون النطق بأي كلمة ، أو أن يدخل المنزل ويسرع إلي غرفته ، ومن دون أن يبدأ بإلقاء السلام علي من في المنزل فإذا ما تركنا الأمور تسير علي هذا النحو ، فلقد عطلنا عملاً إسلامياً كبيراً وهو إفشاء السلام فإذا ما اعتاد الابن علي ترك السلام بين أفراد أسرته ، فهو بالتالي يبدأ في تركه مع باقي أفراد المجتمع ولكن ماذا نفعل إذا كان هذا هو الوضع .
1- لنبادر نحن بالسلام دائماً عند عودته من المدرسة أو دخوله المنزل .
2-بعد أن يتدرب علي سماع كلمة السلام لنعطه الفرصة لإفشاء السلام قبل أن نسلم
نحن عليه.
3-ثم نبدأ في الرد علي سلامه حتي دون أن يسلم لإشعاره بما نسي أن يذكره .
4-والأهم أن نكون نحن قدوة في إفشاء السلام علي من نعرف ومن لا نعرف ، فالطفل كالكاميرا التي تلتقط صوراً لنا دون أن نشعر . أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أنه مر علي صبيان ، فسلم عليهم وقال كان رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) يفعله .
من أصدقاؤك ؟
يقضي الطفل أكثر وقته في المدرسة بين أصدقائه ومن الفطرة السليمة للإنسان أن يكون له أصدقاء يعيش معهم حياة الأخوة والمحبة ، ولكن لا بد لنا من دور رقابي في عملية اختيار الاصدقاء دون أن تشعر الابن بهذا الدور عن طريق :
1- سؤاله باستمرار عن أسماء أصدقائه وتتدرج مع إلي أن يبدأ يقص لنا قصص من المدرسة وعن مغامرات أصدقائه .
2- إذا ما لا حظنا أن هناك خطأ في صديق يعني لا بد أن نصلح هذا الخطأ بالتدريج ، فنبين له مضار العمل الذي قام به صديقه إلي جانب نتائج هذا العمل وإلي ماذا سينتهي ؛ ولنذكر أنه مهما كان لنا من دور رقابي إلا أن الطفل له عالم خاص يعيش فيه سواء في المدرسة أ و في ناديه ،ومن الأولي أن نبذل المساعدة لهذا الطفل وزيادة السلوك الإسلامي الصحيح ، ولهذا وجدنا رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) يلعب مع الأطفال عندما يمر عليهم وهو الرسول القائد وهم يلعبون ، فيسلم عليهم ولا يعنف أحدهم وهم يلعبون بشكل جماعي ولا يطردهم ، بل يدعوا لهم بأن ينزل عليهم سلام من الله ورحمة .
لا بأس طهور بإذن الله
وحتى لا يقتصر اهتمامنا بتنشئة طفل مسلم تنشئة اجتماعية فقط علينا أن نحرص أن تمتد نوايانا الصادقة إلي أبناء المسلمين عامة بأن يعود الأبناء إذا ما مرضوا ، فهذا الطفل وهو ما زال في مرحلة الفطرة والصفاء إذا ما رأي الكبار يأتون إليه فإنه يتعود علي هذه العادة الحسنة .
أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم ( صلي الله عليه وسلم ) فمرض فأتاه النبي ( صلي الله عليه وسلم ) يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له أسلم : فنظر إلي أبيه وهو عنده فقال أطع أبا القاسم ، فأسلم فخرج النبي ( صلي الله عليه وسلم ) وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار .
أستودعك الله
التدريب على صلة الرحم والتقريب بين الأقرباء له عدة وسائل تبدأ من الزيارة وتنتهي بمبيت الطفل عند أقربائه الصالحين ، فإذا ما أحسنت اختيار البيت الذي يزوره الابن أو بيت فيه فهي فرصة لأن يتدرب علي التعامل مع أقربائه ، ويستفيد منهم علماً وفهماً وعبادة وصلاحاً ، ويمكننا تحقيق هذا الأمر بأن يكون هناك يوم محدد في كل شهر لاجتماع الصغار في بيت الجدة أو الجد أو الأعمام أو العمات يشرف عليه أحد الكبار من الأقرباء ليبيت هؤلاء الصبية مع بعض ويستفيدون من وقتهم خصوصاً إذا ما نبهنا عليهم من الاستفادة من مبيتهم لقضاء بعض الأوقات الترفيهية والحرص علي عدم إزعاج الآخرين .
وفي رواية أبن خزيمة في صحيحه 3/89 :
عن ابن عباس أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته ، فاضطجعت في عرض الوساد ، واضطجع رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) وأهله في طولها ، فنام حتي انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ، فجلس يمسح وجهه بيده ، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ، ثم قام إلي شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ، ثم قام يصلي ، قال ابن عباس فقمت إلي جنبه فوضع رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) يده اليمني علي رأسي فأخذ بأذني اليمني فقبلها وصلي ركعتين ، ثم ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلي الصبح .