بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال الشيخ ( عبدالرحمن الماص ) بعد مقدمة من التأصيل والاستدلال :
كُنّا عشرة رجال.. ما فيهم عربيٌ إلا أنا.. سافرنا إلى فرنسا يومَ لم يكن في فرنسا مسجدٌ واحد.. فذُهلنا من
انكفاء المسلمين على أنفسهم، وعجزهم – على كثرتهم - عن أداء الصلاة جماعةً، فضلا عن الدعوة إلى
الإسلام..
ولأن أغلب المسلمين هُناك من العرب، من المغرب العربي، ومن بلاد الشام.. فكان لزامًا عليّ أن أتولى
البيان والكلام أمام المسلمين هُناك.. لكننا توقفنا أمام عقبةٍ كؤود : كيف نجمع أكبر عددٍ من المسلمين في
مكانٍ واحد..؟!
وبدا الحل في ظاهره ميسورًا : إنها المساجد..
ولكن المساجد معدومةٌ تمامًا.. ووالله لقد طُفنا في أرجاء باريس، باحثين عن مسجدٍ مُقام لنقوم بواجب
التذكير؛ فلم نجد..!
فاستعنّا بالله.. وقلتُ للإخوة بعد أن وصلنا إلى (مارسيليا) :
لا بد أن نبني هُنا مسجدًا..!
فما طال جدالُنا ولا نقاشنا..
بل اخترنا المكان، هناك على ربوةٍ جميلة، بالقربُ من مجمع المصانع المُحاذي للميناء.. لأن أغلب
المسلمين هناك من عمال المصانع..
وبدأنا العمل، فاستخرجنا رخصة من البلدية.. وكنا نبني بأيدينا، وبأيدي الإخوة المسلمين، الذين كان
بعضُهم يأتينا ليلاً بعد انتهاء دوامه في المصنع، فيواصل عملَ الليل بعمل النهار..!
كانت أيامًا معدودات.. هي في جمالها ولذتها كنسائم السحر في صحارى نجد..
فيها تكشفتْ الشدةُ عن النفوس المُحبة للخير وهي تتلألأ بعد نفض الغبار عنها.. وفيها الإيمان الكامن في
الأعماق، يبقى كامنًا حتى تنزل عليه بضع قطراتٍ من التذكير، فيهتز، ويشق الركام كما تشقها الكمأةُ بعد
المطر..!
يتبع