عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 11 / 2001, 57 : 10 PM   #8
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,669
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 265
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي

.........

....



..............
شعرت به في الحجرة المجاورة .. وكانت تصدر من حركته أصواتاً متتالية .. كأنها تشير إلى أدراج تفتح وتغلق .. في نفس الوقت الذي كنت قد انتهيت فيه من كتابة بطاقة المعايدة .. والتي كانت موجهة إليه هو بالذات ....
نهضت لا شعورياً من مكاني .. وخرجت من غرفتي .. لأقف بهدوء خارج غرفته .. بجوار بابها المفتوح .. أخذت أختلس النظر إلى الداخل .. كلص خائف .. وأنا أمسك بيدي المرتعشة تلك البطاقة .. التي كتبتها بحروف الحب والهيام .. كتبتها .. عله يستطيع أن يقرأ ما كتب بين سطورها .. عله يستطيع أن يلحظ تلك المشاعر الحالمة .. التي اختبأت خجلاً بين كلمات المعايدة ...
أصبحت عيناي تلحقان به " أوتوماتيكياً " دون تخطيطٍ مني .. ربما لأني علمت بأني أنظر إلى محبوبي ... لآخر مرة...
أو لأنني علمت .. بأنها كانت .. اللحظة الأخيرة ..
فشددت بقوة على بطاقة المعايدة بكلتا يدي ..
أأخبره ..؟؟
أأخبره .. بسر حبي الذي تغنى بصمت ؟؟
" لا .. هذا دعيه فوق المكتب .. لن آخذه معي " ..
بقيت على حالي والظرف في يدي .. فحدقت في الظرف بتساؤل .. ثم أعدت ناظري إليه .. وفي عيني سؤال صــــامت :
" لماذا ؟؟ ... على ماذا يحتوي هذا الظرف ؟! " ..
بدا وكأنه قد تمكن من سماع سؤالي الصامت .. فقال وهو يركز نظره في عيني :
ــ " يمكنك فتحه وقراءة ما فيه .."
لاحظ في نظراتي التردد .. فحاول أن يقتله ..فارتفعت نبرته قليلاً و قال مؤكداً :
ــ " اقرئيها .."
لكني أحسست بأن نظراتي كانت متطفلة لدرجة استطاع أن يلحظها .. فشعرت بخجل عميق .. لذا .. أعدت الظرف إلى مكانه بسرعة وبحركة خفيفة .. وقلت برصانة مصطنعة :
ــ " لا .. لا داعي " ..
أخذ يتأمل فيّ للحظات .. في حين حاولت تجاهل نظراته بتأمل حجرته التي بدت خالية من كل ما يخصه .. فسمعته يلقي بصوت خافت تنهيدة عميقة .. عاد بعدها يكمل جمع أغراضه بهدوء دون أن بنظر إلي ..
أخذت أنا بدوري أجول صامتة وبخطوات بطيئة في حجرته .. كأني أودعها .. أو بالأصح .. كأني أودع أنفاسه فيها ..لأنها ستكون المرة الأخيرة التي سأهنأ فيها بين ثنايا رائحته .. وكنت أسير وأنا أغلق بيدي أبواب الدواليب المفتوحة التي تصادفني..
فوقعت عيناي على ذلك الدفتر الصغير.. الذي يحمل توقيع الوداع .. في صفحات الأحبة .. لقد وقعت عيناي على ... " تذكرة السفر " ... حدقت فيها بنقمة .. كأنها المسئولة عن ابتعاده .. أو بالأصح ... هي التي أخذت أسير بخطواتٍ متثاقلة في الغرفة .. أتنقل بجسدي المتهالك بين زواياها .. حتى وقفت أمام نافذته .. وأخذت أراقب المنظر الذي رسم خلفها .. بدا لي منظراً في غاية الخيال والرومانسية .. لمجرد أن نافذته كانت تطل عليه .. ألقيت بنظري في أحضان السماء .. كأني أحاول قراءة أسرارها .. وكنت أسألها بألم و بصوت صامت جريح .. " لماذا عليه أن يرحل ؟؟ لماذا عليه أن يتركني ؟؟ لماذا كتب علي البقاء وحيدة ؟؟ " .. لم أسمع جواباً .. وكأنه لا يحق لي بأن أسأل هذه الأسئلة ... بعد أن بات الجواب محسوماً .. والمصير مكتوباً ..
فاكتفيت بالوقوف صامتة .. لأستقبل خيوط النور التي بدت لي حزينة أيضاً .. وظننت بأن الشمس قد أرسلتها لتواسيني .. لتواسي فتاة .. ستفقد حباً .. ستفقد قلباً .. أحب .. ولم يُحب ..
وألهيت نفسي بمشاهدة تلك اللوحة المرسومة على نافذته .. كانت الشوارع هادئة .. إلا من خطوات بعض المارة .. ومن سيارة أو سيارتين تخترق الهدوء المترامي في الحي كل دقيقة على الأقل .. وكانت المنازل متناثرة بطريقة بدا لي فيها بأنها تتعمد النظر إلى محبوبي .. وبأنها تتسابق إلى اختلاس النظر إليه كلما وقف أمام هذه النافذة .. فثارت دمائي غضباً من هذه المنازل .. ونظرت إليها نظرة العاشقة المتحدية الغيور .. والنقمة تملأ أجوائي .. وكأني أحذرها من النظر إليه مجدداً ..
لكن ... ما الفــــائدة ؟؟
إنه .. راحـــــل .. كلانا سيفقده الآن .. فلم العناء ؟؟ .. ما دمنا جميعاً لن نستطيع تأمله مرة أخرى .. مع أنها كانت أوفر حظاً مني .. فلقد تمتعت بتأمله لسنوات عديدة .. بينما لم يكن نصيبي منه إلا تأملات خاطفة .. منعها الخجل من أن تكون عميقة ..
فانصرفت عن مراقبة المناظر .. واكتفيت بتسليم وجهي الذي اعتلته معالم العذاب لنسمات الهواء التي أخذت تداعب وجهي بدلال .. فطاب لي في تلك اللحظة أن أتخيل بأنه هو من أمر هذه النسمات بأن تداعبني بذلك الدلال الجميل ..حتى وإن كانت كذبة .. فقد شعرت برغبة في تصديقها حينئذٍ ..
كنت أتنفس بعمق بين الحين والآخر .. لأحظى ــ وسعادة عظيمة تغمرني ـ بفرصة استنشاق الهواء الذي كان من المفروض أن يستنشقه هو .. ذلك الهواء .. الذي كانت نسماته تتنافس على الوصول إلى نافذته .. لتحظى بشرف أن تتسلل إلى صدره الرحب.. لكنها اليوم .. وجدتني أنا بدلاً عنه .. وكان هذا موضع شرفي .. وقمة سعادتي ..
مرت لحظات غير قليلة وأنا على حالي تلك .. تائهة بين أفكار تبحث عن دفء المواساة .. حتى أنني لم ألحظ بأن حبيبي المشغول كان قد توقف عن الحركة .. وبأن الصمت كان قد خيم على الأجواء منذ فترة .. وحين أفقت من خيالاتي .. التفت لأواجه الغرفة .. فوجدته واقفاً في منتصفها .. كان يراقبني بصمت .. وقد بدا عليه بأنه قد التزم هذه الهيئة منذ قترة ليست قصيرة ..
فاحمرت وجنتاي .. وألقيت بعيني نحو الأرض .. فقال لي قاتلاً الصمت الذي حام بيننا للحظة :
ــ " لقد انتهيت " ..
بقيت صامتة دون أن أنبس بكلمة .. وكأن الحروف قد انحبست في حلقي .. فأزاح عينيه عني .. وخرج حاملاً حقيبته الأخيرة ..
اشتملته بعينين تصرخان حباً .. وتبكيان شوقاً .. وتناديان برجاء .. لا ترحـــــــــــل ..
لكنه لم يشعر بهاتين العينين العاشقتين .. بل أكمل خطواته بتتابع إلى الخارج .. دون أن يلتفت إليّ ..
تبعته إلى الخارج .. لأجده محاطاً بمودعيه.. حائماً بين أصواتهم المتعالية .. ودعواتهم وأمانيهم الصادقة .. بينما وقفت أنا بعيدة عنهم.. لأراقب هذا المشهد .. الذي امتلأ بالعبارات الجميلة .. والأحضان المتتالية المليئة بالحنان ..
يا للسخرية .. كل واحد منهم يحظى الآن بفرصة احتضانه .. ومداعبته .. وتقبيله .. إلا .. أنا .. وأنا التي تموت حباً به .. وتحترق شوقاً للاقتراب منه ..
ليتني أستطيع الاقتراب منه قليلا .. ليتني أستطيع سرقة قبلة خاطفة منه .. لكن .. للأسف .. لن أستطيع .. حتى في هذه اللحظة .. لحظة الوداع ..
ووسط ذلك الزحام .. ألقى إليّ نظرة طويلة .. كأنه ينتظر مني أن أودعه أنا أيضاً .. لكني انتظرته حتى انتهى من توديع الجميع.. لأقترب منه بثبات مصطنع .. ماذا سأقول ؟؟ ماذا سأفعل ؟؟ هل أمسك بيديه ؟؟ .. لن يشك أحد بشيء .. فأنا أودعه.. سيظنونه سلام وداع لا أكثر .. وهم لا يعلمون بأنني بهذه اللمسة .. سأحلق في سماء الجنان .. راقصة بأجنحة السعادة ..
نعم .. سأجعل الذكرى الأخيرة ... لمســــــة ..
لكن .. ماذا لو غرقت تحت أنغام هذه المصافحة في أحلام لن أستطيع نزع نفسي منها ؟؟.. ماذا لو شعر حين يلمس يدي بعروقي التي تهيج دماؤها عشقاً؟؟ .. ماذا لو سمع نبضات قلبي الثائرة بحبه ؟؟..
ووسط صيحات نفسي الحائرة .. وجدت نفسي فجأة أمامه .. ولم أكن قد وصلت بعد إلى قرار يرسم لي ما عليّ فعله .. الأمر الذي زاد من حيرتي وارتباكي .. فلم أملك إلا أن أنظر إليه بصمت .. وأن أستسلم له بنظراتي الحائرة .. أنتظر منه أن يودعني على طريقته .. التي سأكتفي بها ..
لكنه ــ " سأشتاق إليك " ..
أجابته وقد اتسعت ابتسامتها :
ــ " أنا أيضاً " ..
ثم أردفت :
ــ " انتبه لنفسك " ..
زادت نظراته نحوها عطفاً وعذوبة .. وأجاب :
ــ " إن شاء الله " ..
فقالت وهي تسحب يدها برفق من أحضان يديه :
ــ " وداعــــاً " ..
لم يجبها بل طأطأ رأسه بصمت .. وكأنه لا يريد أن ينطق بهذه الكلمة ..
كان المشهد جميلاً بينهما .. لدرجة اعتقدت فيها بأنه يحبها ... لا ..لا .. مستحيل .. فهي مرتبطة .. كما أن عاطفتهما أخوية بحتة .. أنا فقط مجنونة .. غيورة ..
لكني مع ذلك حسدتها .. فلقد استطاعت أن تحظى بلمسة عطف من يديه.. وبنظرة ملئوها الحنان الأخوي .. بالرغم من أنها لم تحبه إلا كأخ ..
إذن .. لماذا لا أفعل مثلها .. يكفيني أن يشتمل يدي كما فعل معها .. وأن يحيطني بدفء عينيه .. كما أحاطها ..
يبدو أنني قد وصلت إلى قرار .. سأفعل بالتحديد ما فعلته شقيقتي .. سأمد يدي فقط لأصافحه ..وسأحظى بالتأكيد على نفس ما حظيت به ..
شعرت بأن الإله قد أرسلها لترشدني إلى ما عليّ فعله ..
نعم .. لقد حسمت أمري .. سأفعل ما فعلته .. عليّ أن أصبح شجاعة ولو لمرة واحدة في حياتي ..
وفي حين كنت مشغولة بالتباهي بهذه الشجاعة والتي كانت وليدة اللحظة .. فإذا بأختي تهم بالانصراف .. فنظرت إليها وقد اعتلاني توتر شديد .. وفزع لم أعرف سببه .. وانهارت صروح الشجاعة في ثانية.. وفقدت كل تلك القرارات التي اتخذتها بحزم ..
فقلت له بحروف متلاحقة وبنفس سريع :
ــ" وداعا" ..
وها أنا الآن قد علمت بحبه .. لكن هذا الحب لم يزني إلا مرارة .. وحسرة .. لأنه جاء متأخراً .. جاء .. في رسالة وداع ..
فنظرت إلى الرسالة متخيلة بأني أنظر إليه .. وأخذت أصرخ بصوت عالٍ .. غير آبهة بأن يسمعني أحد .. والدموع تنهمر من عيني :
ــ " لماذا ؟؟ .. لماذا الآن تخبرني ؟؟ .. أتخبرني بحبك بعد أن رحلت ؟؟ .. أتعترف بأشواقك بعد أن انقطع أمل لقاءنا؟؟ .. لماذا تفعل بي هذا ؟؟ .. بالله عليك ماذا فعلت لك .. لتضعني في هذا العذاب .. ؟؟ أحبك أيها الأحمق ... أحبك .. أحبك .. أحبك ."
لا داعي للصراخ .. فلن يسمعني ..
لقد رحل .. وما من أمل لعودته ..
رحل .. وما من رسول يخبره بحبي ..
فاستسلمت لدموع .. لن تمسحها الأيام ..
وخضعت لجروح .. لن تداويها السنين ..
وأخذت أردد في نفسي ...
فقدتك يا حبيبي إلى الأبد .. لأنني وبدون أن أشعر .. لم أسمح لك بأن تحبني ..
فقدتك .. يا حبيبي .. لأنني لم أكن جديرة بحبك ...
فقدتك .. يا حبيبي ..لأنني ... أحببتــــــــك بصمــــــت ..





الله الله الله !!!

خمائل


وهنا يكون الصمت ابلغ من الكلاااام



عذراً خمائل ...!!!

لقد اخرستي قلمي فعلاً حتى وقف حائراً امام قلمك المبدع


كلمات ليست كالكلمااات


اسلوب رااائع

وسرد جميل للاحداااث

ولحظات مؤلمة ومستمطرة للعيون

لحظات عشناها بكل تفاصيلها



ولايسعني الا ان
اهنئك على هذا الابداااع


سلمت يداكِ
والى الاماااام ....



....

  رد مع اقتباس