الموضوع: ورقة الحضــور
عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 04 / 2016, 51 : 10 AM   #20239
فتى الجميزه 
" شاعر "

 


+ رقم العضوية » 53052
+ تاريخ التسجيل » 21 / 05 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 7,124
+ معَدل التقييمْ » 10672
شكراً: 3
تم شكره 128 مرة في 119 مشاركة

فتى الجميزه متواجد حالياً

افتراضي رد: ورقة الحضــور

عــاقــبـة صــبــر الـمـؤمـن على الشدة



لقد حدث لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد دخولهم في الإسلام ومفارقتهم للكفر وأهله شدائد ومحن تشيب لهولها النواصي، فما استكانوا وما ضعفوا، وما زادهم ذلك إلا إيماناً وتثبيتاً، وكان لهم من الله أطيب العون والكرامة.
وهــذا نموذجاً من ذلك من حياة الصحابية الجليلة أم شريك الأنصارية، حيث أسلم زوجها وأسلمت معه، قال ابن سعد في "الطبقات الكبرى": أسلم زوج أم شريك، وهي غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أي زوجها: أبو العكر، فهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي هريرة من دوس حين هاجروا.
قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر فقالوا: لعلك على دينه؟ قلت: إي والله إني لعلى دينه، قالوا لا جرم والله لنعذبنك عذاباً شديداً، فارتحلوا بنا من دارنا، ونحن كنا بذي الخَلَصة وهو من صنعاء –اليمن-، فساروا يريدون منزلاً، وحملوني على جمل ثفال – أي بطيء - شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة من ماء حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائظون – أي في أشد أيام الحر والقيظ - نزلوا فضربوا أخبيتهم – أي خيامهم - وتركوني في الشمس، حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، ففعلوا بي ذلك ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بإصبعي إلى السماء بالتوحيد.
فوالله إني لعلى ذلك، وقد بلغني الجهد – أي التعب الشديد والتهالك من العطش وشدة الحر- إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته فشربت منه نفساً واحداً ثم انتزع مني، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه، ثم دلي إلي ثانية فشربت منه نفساً ثم رفع، فذهبت أنظر فإذا هو بين السماء والأرض، ثم دلي إلي الثالثة فشربت منه حتى رويت وأهرقت – أي صببت- على رأسي ووجهي وثيابي.
فخرجوا فنظروا فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟! فقلت لهم: إن عدوة الله غيري من خالف دينه، وأما قولكم: من أين هذا؟ فهذا من عند الله رزقاً رزقنيه الله تعالى، فانطلقوا سراعاً إلى قربهم وإداواهم – أوعية مائهم فوجدوها موكأة – مربوطة - لم تحل، فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا: هو الذي شرع الإسلام، فأسلموا جميعاً وهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يعرفون فضلي عليهم وما صنع الله إلي" انتهى.
فانظر أيها القارئ الكريم: كيف يفتح الابتلاء على الإيمان بالله أقفال القلوب؟ وكيف يأتي الصبر على المحن بالفرج والتكريم من علام الغيوب؟
وهذه امرأة ضعيفة مستضعفة، ابتليت بسبب إيمانها فصبرت، حق الصبر، فكان لها أفضل الذكر وعظيم الأجر، آمنت قبيلتها بسببها، ودخلوا في دين الله تعالى بفضلها، وإن ابتلاء الأخيار بالأشرار سنة الله في عباده الأنبياء والمرسلين في هذه الدار.
فمن ظن من الناس أن شدة البلاء هوان بالعبد، فقد ظن غلطاً وارتكب شططاً، فقد ابتلي من أكابر هذه الأمة المحمدية ما لا يحصى، ألا ترى إلى قتل الخلفاء الثلاثة الراشدين: عمر، وعثمان، وعلي –رضي الله عنهم- ثم ما وقع بالحسين وابن الزبير وابن جبير، ثم إلى ما لقي الأئمة المتبوعون، فقد ضرب أبو حنيفة، وحبس وجر مالك، وضرب بالسياط وجذبت يده حتى انخلعت من كتفه، وضرب أحمد بن حنبل حتى خلعت يداه وأغمي عليه، وهكذا غيره من العلماء والصالحين لقوا الابتلاءات الشداد من الأشرار في هذه الدار




صــــــبــاح الـخــيــر والـتـيـاســيــر وحـــســـن الـتــوافــيــق

سبحان الله وبحمده

سبحان الله العظيم

 

  رد مع اقتباس