[size=5][B][align=center]
(7)
وقد اظهرت الابحاث ان التعرض للضوء سواء أكان من الشمس أم من وسائل اصطناعية ، يساعد في الشفاء من الكآبة الموسمية التي تصيب قلة من الناس ، وكشف اختصاصيون أن أجهزة ضوئية ساطحة خاصة قد تكون مفيدة . ولكنها يجب ان تستعمل في اعتدال .
ويمكنكم ان تدخلوا مزيد من الضوء الى منزلكم باحلال جوّ اكثر اشراقاً داخله . وباختياركم نشاطاً خارجياً تمارسونه خلال النهار ، كالمشي أو الجري ، تحصلون على ضوء طبيعي خلال فترة معينة يومياً .
كانت هنالك امرأة ، وهي كاتبة ناجحة حرصت على سكنى الاماكن المشرقة . وذات شتاء اضطرت الى العمل في منطقة غائمة كالحة على الدوام . فطغى عليها الكسل ولم تستطع انجاز مشروع كتاب . وكانت تعاني اضطراباً عاطفياً موسمياً هو كآبة ناتجة من حساسية تجاه الضوء يتزامن فيها هبوط المزاج مع اشهر الشتاء المظلمة .
وعندما زادت هي النور في بيتها ومحل عملها تغير حالها الى الافضل .
ثـامنـاً ـ احصل على قسطك من الراحة
--------------------------------------------------------------------------------
(8)
وافضل طريقة لتجنب الارهاق تتم عبر تجديد طاقتك واذا كنت من اولئك المدمنين على العمل . فإنك تعرض نفسك للخطر مالم تلجأ الى الراحة الضرورية .
الـدُّعـابة
« روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلّت عميت »(1)
وحقاً فان الطرائف تطرد الهموم ، وتقاوم الملل ، وتزيل الالام . . فكم من نكته اضحكت الحضور ، فادخلت السرور في قلب الحزين . . .
إن البسمة طاردة الأحزان .
والدعابة صانعة لمسرّات القلوب ، وادخال السرور في قلوب الآخرين ، لطف ورحمة ، وفيه آجر وثواب .
يقول الامام علي ( عليه السلام ) والذي وسع سمعه الأصوات ، مامن أحد أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله من ذلك السرور لطفاً . فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في
____________
1 ـ فكاهة العرب ص 11 .
--------------------------------------------------------------------------------
(9)
في انحداره حتى يردّها عنه ، كما تطرد غريبة الأبل » (1) .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « من سرّ مؤمناً فقد سرّني . ومن سرّني فقد سرّ الله » (2) .
ومن عوامل ادخال السرور . ذكر الطرائف ، والتمتّع بالدعابات ، سواء استماعها من الآخرين ، او قرائتها في بطون الكتب ، ولقيمتها الحضارية هذه فإن الطرائف تنتقل من جيل لجيل ، ويتوارثها الأبناء عن الأبناء عن الأباء ، لانها تعبر عن رغبة الناس في الجور ـ وتطلعهم الى الترويح عن النفس .
يقول الامام علي عليه السلام . اجمعوا هذه القلوب ، والتمسوا لها طرائف الحكم ، فإنها تمل كما تمل الأبدان ، والنفس مؤثرة للهوى ، أخذة بالهويني ، جانحة الى اللهو ، أمارة بالسوء ، مستوطنة للعجز ، طالبة للراحة ، نافرة عن العمل ، فان اكرهتها أضنيتها ـ اي أبليتها ـ وان أهملتها أرديتها .
وما دامت النفوس ـ تمل ، فهي تتطلب الترويح عنها ، فإذا لم نلتمس ذلك من الطرائف ، فهي تبحث عنه في الموبقات ـ ذلك ان تعقيدات الحياة تؤدي الى التوتر لا محالة ، والتوتر يؤدي الى العنف ان لم يتم التنفيس عنه بالدعابة . ولذلك كان
____________
1 ـ نهج البلاغة باب الحكم 257 .
2 ـ البحار ج 74 ص 287 .
--------------------------------------------------------------------------------
(10)
الطغاة اكثر الناس توتراً ، واقلهم دعابة . على عكس الرجال العظام في التاريخ .
ولقد ثبت بالتجربة ، والدراسة ان افضل وسيلة للتنفيس عن التوتر هو المرح او النكتة .
ولان التوتر يؤدي الى خفض الانتاج فقد عكفت الشركات الكبرى على دراسة كيفية ازالة التوتر ، وتوصلت الى ان صمام الإمان هو الفكاهة .
ومن هنا اهتمت المؤسسات بالنكتة ، حيث تبين لها ان الشركات التي تشيع جواً من المرح بين موظفيها زاد انتاجها بنسبة النصف أو أكثر .
وهكذا فبنك أميركا الهائل نظم مباراة في النكتة بين شركات مونسانتو الضخمة اقنعت كبار الباحثين في مختبراتها بان يلعبوا بأن يلصق الواحد من هولاء الدكاترة العباقرة نقد معدنية على جبينه ثم يحاول اسقاطها في كوب ماء .
أما شركة ديجيتال للكومبيوتر ، فأسست « دوريات عبوس » مهمَّتها التجول بين الموظفين بحثاً عن اي موظف عابس أو حزين ، او موظفة وإذا ضبط متلبساً بالعبوس
--------------------------------------------------------------------------------
(11)
فان رجال الدورية يحاولون التسرية عنه أو عنها بشد الوجه والأصابع ، كما يفعل الصغار ، لا ضحاكه .
ولكي نكون ـ اذن ـ منتجين في الحياة ، فلا بد أن نكون مرحين تعلو شفاهنا البسمة دائماً .
ان المؤمنين مطالبون بان يكونوا مداعبين في غير رفث ، فقد روى الامام الصادق « عليه السلام » قال لاحد اصحابه « كيف مداعبة بعضكم بعضاً ؟ »
فقال الرجل : قليل :
فقال الامام : « هلا تفعلوا ، فإن المداعبة من حسن الخلق وانك لتدخل بها السرور على اخيك . ولقد كان رسول الله صلى عليه وآله وسلم يداعب الرجل ، يريد ان يسرّه (1) »
ان المداعبة جزء من حسن الخلق تماماً كما ان عكسها جزء من سوء الخلق ، ولذلك ورد في الحديث الشريف « ان الله يبغض المعبّس في وجه اخوانه » (2) . فالمؤمن ـ كما يقول الحديث الشريف ـ « هشٌ بشٌ » وليس بالمقطب .
ويروى أن يوحنا وشمعون كانا من الحواريين ـ وكان
____________
1 ـ الكافي الأصول ج 4 ص 227 .
2 ـ كشف الريبة ص 119 .
--------------------------------------------------------------------------------
(12)
يوحنّا لا يجلس مجلساً إلا ضحك وأضحك من حوله :
وكان شمعون لا يجلس مجلساً الا بكى وابكى من حوله :
فقال شمعون ليوحنّا ما اكثر ضحكك : كأنك قد عرفت من عملك :
فقال له يوحنّا ما اكثر بكاءك كأنك قد يئست من ربك !
فأوحى الله الى المسيح : إن أحبّ السيرتين إليّ سيرة يوحنا . (2)
ولقد كان العرب اذا مدحوا أحداً قالو عنه « هو ضحوك السن ، بسام الثنيات ، هشَّ الى الضيف » واذا ذموا احداً قالوا عنه « هو عبوس الوجه ، جهم المحيا كريه المنظر ، حامض الوجنة ، كانما نضّح وجهه بالخل ، او اسعط خيشومه بالخردل »
ويخطأ من يظنّ ان معنى اخذ الحياة بجد ، هو ان تكون لنا وجوه قاطبة كالحة ، كأنها وجوه الشياطين ذلك ان ربنا حينما يذمّ شيئاً يقول عنه .
« طلعها كأنه رؤوس الشياطين » (3) .
____________
1 ـ فكاهة العرب ص 12 .
2 ـ الصافات : 65 .
--------------------------------------------------------------------------------
(13)
فحتى لو كانت احزاننا كثيرة ، وكبيرة فلابد ان تكون وجوهنا هشه بشه . . يقول الحديث الشريف « المؤمن حزنه في قلبه وبشره في وجهه » .
ويقول آخر ( المؤمن دعب لعب ، والمنافق قطب وغضب ) (1) وقد روي ( ان عيسى بن مريم عليه السلام لقي يحي بن زكريا عليه السلام فتبسم اليه يحيى فقال له عيسى أنك لتبتسم تبسم آمن :
فقال له يحيى : إنك لعبس عبوس قانط .
فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي .
فأوحى الله الى عيسى . ان الذي يفعل يحيى احبّ اليّ وقيل احبّكما اليّ الطلق البسَّام . أحسنكما ظناً بي (2) .
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يمزح مع اصحابه ، وهم بدورهم كانوا يمزحون معه ، وكان يقول « أني لأمزح ولا اقول إلا حقاً » (3) وروى حسين بن زيد قال : قلت لابي عبد الله الصادق عليه السلام « هل كانت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم مداعبة فقال : « لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة ، وان الله بعث انبياءه فكانت فيهم كرازة وبعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالرأفة والرحمة ، وكان من رأفته لامته مداعبته لهم لكيلا يبلغ باحد منهم التعظيم
____________
1 ـ البحار ج 77 ص 153 .
2 ـ شرح نهج البلاغة لابن الحديد ص 116 .
3 ـ البحار ج 16 ص 298 .
--------------------------------------------------------------------------------
(14)
حتى لا ينظر اليه »
فما يروى من مزاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان امرأة عجوز جاءت إليه تسأله عن دخول امثالها الجنة . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « لا تدخل الجنة عجوز » .
فصاحت من قوله : فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال انك لست يومئذٍ بعجوز قال الله تعالى « إنا انشأناهن إنشاءاً فجعلناهنَّ ابكاراً » (1) .
ويروى ايضاً : ان امرأة جاءت اليه تطلب منه ان يحملها على شيء فقال صلى الله عليه وآله وسلم « انا حاملون انشاء الله على ولد ناقة » .
فقالت « وما اصنع بولد الناقة ؟ وهل يستطيع ان يحملني ؟ » والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يكررّ « لا احملك إلا عليه » حتى قال لها اخيراً وهل تلد الابل إلا النوق ؟
وروي ان امرأة يقال لها ام ايمن جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت ان زوجي يدعوك .
فقال : ومن هو . اهو الذي بعينه بياض ؟
فقالت : والله مابعينه بياض .
____________[/align][/B][/size]