عرض مشاركة واحدة
قديم 01 / 08 / 2009, 09 : 04 AM   #35
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,664
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 265
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...

/




مذكرات مغتربة في الأفلاج (20)
أنا لا أكذب ولكني أتألم





لم يكن أمامي إلا أن أوافق على عرض الدكتور أحمد خال رباب زميلتي، فهكذا عرض لا يمكن رفضه وقد أتى في وقته تماما. لذلك قررت أن أتغيب يوما واحدا ( بعد غد الأربعاء ) عن المدرسة وأسافر لزيارتهم في المستشفى .

في الليل .. استلقيت على فراشي وقد خيم السكون على المكان بدأت باستعراض حياتي كشريط سينمائي منذ أول قدوم لي إلى هنا، خاطبت نفسي يا إلهي .. ماذا فعلت بنفسك ياشيخة؟ خسرت كل شيء في سبيل وظيفة .. ردت: لالا ليس من أجل الوظيفة بحد ذاتها بل من أجل إثبات ذاتي وشخصيتي وطموحي وحلمي أجبتها : كفى هراء هذا كلام نظري يتبخر دائما على أرض الواقع .. الحقيقة أنك الآن في ورطة كبيرة جررت لها المسكينة ليلى التي أخذت تؤجل زواجها سنة بعد أخرى على أمل النقل بل إنك فقدت حتى خيار التراجع .. ماذا كسبت يا شيخة من كل هذا ؟ والدتك المسكينة تنفض الغبار عن صورتك كل يوم وتلمعها جيدا ثم تحتضنها وتقبّلها وتضعها في مكان لائق، كما يفعلون مع الموتى تماما.

سنوات عمرك يسرقها الزمن سنة بعد أخرى دون زواج وحتى من تقدموا إليك رددتهم لأنهم طامعون براتبك أو كما أوهمتك هذه الوظيفة الشؤم .حتى أصبحت الآن أجمل عانس سيعرفها التعليم وأطلقت ضحكة ساخرة. ووالدك المسكين كل يوم يبكي بصمت لأنه ( عاجز ) عن مرافقتك و( عاجز ) عن تربيتك وردك عن هذا السخف كما قال له أخوك في آخر مشاجرة بينهما بسببك . بل إن أخاك قاطع والديه وأنت السبب كذلك .وماذا أيضا ؟؟ فقدت حتى احترام الآخرين لك. ففي كل ذهاب وأياب أنت عرضة للمعاكسات فهذا يرمي رقم هاتفه وآخر يحاول التقرب بالكلام المعسول أتعرفين لماذا ؟ لأنهم يرون أن لديك كل مقومات الانسياق وراء الوهم. تملكين مطلق الحرية وتسكنين لوحدك وتقيمين بلا محرم، إذا فأنت متسيبة ولقمة سائغة لضعاف النفوس في نظر المجتمع حتى يثبت العكس . اعترفي يا شيخة لقد هزمت وستعودين محملة بالخسائر.. ألا زلت تحترمين نفسك بعد كل هذا ؟؟. نهضت واقفة على قدمي حتى أطرد عني كل هذه الأيادي التي تحاول أن تطبق على رقبتي، إنها تخنقني.

وضعت يدي على رأسي، الصداع يكاد يقتلني. ألتفت إلى ليلى لم تكن نائمة كانت كعادتها تتبادل رسائل الجوال مع خطيبها كل ليلة حتى يغلبها النعاس ،تمتمت في داخلي .. مسكينة ياليلى جنيت عليك باسم الصداقة .في اليوم التالي كنت في المستشفى لمقابلة الدكتور أحمد .. سألت عن مكتبه فأرشدوني إليه كان في الخمسين من عمره تقريبا ترك الشيب يتمدد كما يشاء في مساحات شعره الكثيف وعلى شاربه ربما إيمانا منه بأنه يزيده وقارا، إلا أنه كان وقورا ومحترما بما يكفي عرفته بنفسي فرحب وهو يتجه بنظره بعيدا عني، ثم سألني متى قدمت من الأفلاج؟ قلت البارحة، قال حمدا لله على السلامة ثم مد لي ورقة، قال إجازتك جاهزة .. عليها توقيعي وتوقيع طبيب آخر لم يتبق إلا توقيع وختم د/ طارق رئيس القسم، كان في إجازة يوم أمس لكنني أعلمته بالأمر أذهبي إليه، وصف لي مكتبه وقبل أن أغادر قال أتمنى أن تبلغي الوالدة سلامي وتمنياتي لها بالشفاء شكرته وغادرت، لكن الدكتور طارق هذا كان خبيثا جدا بالرغم من أن ظاهره لا يدل على ذلك، فتح الورقة ونظر إليها بشكل سريع، أمسك القلم وقبل أن يوقع نظر إلي بلا مبالاة قائلا بأسلوب فاتر.. ( قلتي لي منذ متى وأنتي تشتكين من الكلى؟) نظرت إليه ولم أجب وأحسست أن الدم يغلي في عروقي حنقا وغضبا . ثم عاد للسؤال ( ها ؟؟) لم أجب أيضا، عاد يسأل .. ( أقول منذ متى وأنتي تشكين من الكلى ياخالة ؟) لا أشك في أنه يعرف بالأمر لكنه يريد إذلالي ويريد أن يشاهد على الواقع كيف يكذب الناس كذبة مكشوفة .. هل أحقق له ما يريد وآخذ الإجازة ؟ لن أخسر شيئا سوى نفسي . سوف أحتقرها للأبد. قلت له ألم يخبرك دكتور أحمد بالأمر؟ قال بلى أخبرني (لكن مكتوب هنا أنو عندك مغص كلوي ) قلت ( تقدر تمسح اللي هم كاتبين وتكتب أني أكذب وما فيني شي بس أبي إجازة عشان أمي ) ومشيت وتركته، سمعته ينادي أستاذة يا أستاذة لكنني غادرت للبيت غارقة في دموعي، هاتفتني رباب ليلا تعتذر على لسان خالها وتطلب مني الذهاب مرة أخرى لاستلام الإجازة، وافقت لكنني أرسلت سائقا ووصفت له المكان وأتى لي بها بالفعل .

كانت الإجازة ثلاثة أسابيع وليست أسبوعين كما أخبرني، هاتفت الدكتور أحمد وشكرته مليا، واعتذر هو لي كثيرا عن موقف الدكتور طارق المستغرب .


/

  رد مع اقتباس