عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 07 / 2009, 49 : 06 AM   #16
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,662
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 265
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 16 )

حريق في الذاكرة

في اليوم التالي لاتخاذنا قرار السكن بمفردنا كنا بانتظار اجتماعنا بعد العودة من المدرسة، فقد وعدتنا زهرة أن تأتي محملة بكل المعلومات التي نحتاجها من زميلاتها في المدرسة. وكان اجتماعنا بعد صلاة المغرب (ها وش سويتي؟) هذا السؤال الذي وجهته لزهرة، قالت كل خير.. جلست بكل ثقة وقالت "اسمعاني جيدا.. فيه شخص من سكان الأفلاج، ليلى طبعا.. يسمونه أبو المغتربات هذا يا بنات كما وصفته لي أكثر من معلمة شهم وخلوق ومتعاطف كثيرا معنا، والأهم من هذا وذاك أنه لا يبتز المعلمات ماديا، بل على العكس من ذلك هو يحتسب الأجر من الله فيما يقوم به من عمل ولا يتكلم في النقود أبدا، أنت قدّري ما يقوم به من عمل وأعطيه ما يستحقه من أجر. واسمه أبو رعد".
قاطعتها ليلى (وبعدين؟ هذا الرجال وش دوره في السالفة)
ردت زهرة هو السالفة كلها.
الآن نحن نرغب بالبحث عن شقة.. وسوف نوكل إليه هذا الأمر.
سألت ليلى: معقول؟؟ قالت زهرة سأحادثه الآن أمامكن. هاتفته زهرة سلمت وقالت له (عمي بو رعد أنا اسمي زهرة وأول مرة أكلمك وأخذت الرقم من صديقتي بعد ما أثنت عليك) أخبرته أننا نقيم مع كفيل ونرغب باستئجار شقة بمواصفات محددة. فقال لها حسنا وطلب مهلة للبحث عن الشقة. ثم أغلقت الهاتف. وقالت سننتظر.
طبعا كنا قد تعهدنا وقت التوظيف بالإقامة مع محرم إلا أن هذا الأمر لا يبدو منطقيا الآن وإلا لأصبح مقابل كل امرأة موظفة رجل عاطل عن العمل.
عقدنا اجتماعا طارئا وأعلمنا باقي الزميلات بما ننوي القيام به، فطلبت سلمى الانضمام إلينا، أما دلال فقد قالت أنا سأغادر هذا المنزل كذلك ولكن سوف أستأجر شقة مستقلة وسوف يأتي أخي ليقيم معي.. سألتها ليلى: هل هو موظف أم طالب؟ قالت بل موظف ويستعد للزواج لكنه طلب إجازة لمدة سنة لمرافقتي. كنت أهم بسؤال فضولي لماذا؟ إلا أن زهرة القريبة مني لكزتني فسكتّ. تمنينا لها التوفيق وطلبنا منها أن نكون على اتصال ببعضنا، فأكدت لنا أنها لا تستطيع الاستغناء عنا، كانت لغة غريبة بعض الشيء من دلال، فقد تعودنا منها جفاف العبارة.
في غرفتنا بدأت أنا بالكلام.. قلت (أصلا كنت متوقعة أن دلال ماتجي معنا وحدة معقدة ومنتهية) وقبل أن أكمل وضعت زهرة يدها على فمي وقالت يكفي يا شيخة ظلمتي نفسك.
بكيت طويلا في تلك الليلة عندما علمت من زهرة أن دلال كانت تفيض رقة وعذوبة، لها ضحكة صادقة وحضور رائع، عندما علمت أن دلال هذه كانت سفير الجمال والأناقة والرقي.. بكيت كثيرا عندما علمت أن دلال خسرت أختيها وكثيراً من عائلتها في حريق القديح الشهير وقد كان بيننا وبينه في ذلك الوقت بضعة أشهر فقط، حيث كان في الليلة الخامسة عشرة من ربيع الثاني عام 1420هـ. وكانت الصحف مازالت تنعي المفقودين وتواسي المصابين في هذا الحادث المروع، فقد بلغ عدد الضحايا في ليلة واحدة 76 حالة و400 مصاب أغلبهم نساء وأطفال. وكانت تعاني من أزمات نفسية حادة قبل قدومنا للسكن معها.
لم أستطع النوم في تلك الليلة.. تقلبت كثيرا، كنت أتوسد شوكا وألتحف بجمر. خرجت من غرفتي في الواحدة تقريبا، كانت غرفة دلال مضاءة، فطرقت الباب ففتحت لي وعلامات الاستفهام تملأ وجهها. نظرت في عيني، فقلت لها مباشرة سامحيني لكي أنام.
سامحيني لأنني ظلمتك، ولأنني تسرعت في الحكم عليك، سامحيني لأنني لم أعلم عن ظرفك شيئا.. ولم أقدم لك العزاء في من فقدتهم.
بدت وكأنني نكأت جرحا عميقا يؤلمها، وضعت يديها على وجهها وبدأت تبكي، قالت بهدوء وهي تحاول لملمة دموعها ادخلي يا شيخة دخلت، جلست هي على طرف سريرها بعد أن سحبت آهة عميقة.
قالت أنت حساسة كثيرا يا شيخة بحجم لطفك، لا عليك، لم أغضب منك حتى أسامحك، من يعرفك لا يمكنه إلا أن يحبك.

تحادثنا طويلا.. كلمتني عن هذا الحادث الشنيع وعن أختيها اللتين فقدتهما فيه وعن السنوات السعيدة التي قضينها معا. حادثتني عن أناس كثر فقدتهم في هذا الحادث المروع، وعن المشاهد التي تفوق الموت ألما وحسرة. أدهشتني دلال بإنسانيتها وهدوئها كثيرا، واستأت من نفسي أكثر. لكنها اعتبرت أن هذه الليلة هي بداية صداقة حقيقية بيننا.

/







وللمذكرات بقية سأوردها لاحقاً
/
/ مذكرات راائعه ابدعت الكاتبة في صياغتها وفي سرد احداثها و لامست الكاتبة من خلالها كبد الحقيقة
بالفعل مذكراات تستحق القراااءةوللمعلومية ! تم نشر هذه المذكرات في جريدة الوطن وتم نقلها الى هنا

  رد مع اقتباس