عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 04 / 2012, 44 : 06 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي كيف يصب ويهب ويشب الجدار؟


قرأت قبل فترة قصة قديمة حدثت قبل أكثر من أربعين عاماً، وهذه القصة قد تكون معروفة لدى أكثركم، وهي تتحدث باختصار عن رجل "بسيط الحال" (قروي) كان يعيش في إحدى القرى بمنطقة القصيم، ذهب لقضاء بعض شئونه في إحدى المدن الكبيرة في ذلك الوقت.
وبعد أن انتهى من الغرض الذي سافر من أجله إلى تلك المدينة بقي فيها ولم يعد إلى القرية، ولكن أسرته في القرية طلبوا منه العودة إليهم، فأرسل لهم رسالة مختصرة طلب فيها منهم أن ينتقلوا هم إلى المدينة لأنه وجد أن الحياة فيها مريحة، والسبب في ذلك - كما قال في رسالته لأسرته بلهجتهم الدارجة- "أن الجدار فيها يصب، ويهب، ويشب".
وقد قصد من قوله أن الجدار يصب، أن الماء يصب من الصنبور المركب على الجدار، فليس هناك حاجة لإحضار الماء من البئر.
وإن الجدار يهب، ويعني بذلك الهواء البارد المنبعث من المكيف المركب بفتحة في الجدار، وبالتالي ستكون حياتنا مريحة.
كما قصد بقوله أن الجدار يشب (يُضي)، أي أنه عندما نفتح مفتاح (فيش) الكهرباء المركب على الجدار فتنير المصابيح بدلاً من استخدامنا للفوانيس في القرية.
وهذا الجزء من القصة يوضح لنا النعم الكبيرة التي أنعم الله بها علينا في ذلك الوقت، فماذا كان سيقول هذا الرجل عن التطور الكبير جداً الذي ننعم به في زمننا الحاضر في كافة المجالات وخاصة في مجال الأجهزة الكهربائية المنزلية وكذلك في الاتصالات. فقد أصبحت التطورات التقنية تأخذ الصبغة المستمرة.
وهنا نصل إلى زبدة الموضوع وهي تتعلق بكيفية تعاملنا مع هذه النعم الكبيرة التي نتمتع بها في نهارنا وليلنا؟.

مع الأسف بإن الشائع عن تعامل البعض مع هذه النعم يميل إلى الإسراف فيها، ونجد بإنه لم يعد هناك فاصل لدينا يفرق بين الضروريات والكماليات، وأصبحنا نتعامل مع الكماليات وكأنها أساسيات والنتيجة هي أن نصرف مبالغ باهظة في غير مكانها الصحيح،
لم نعد نحرص على ترشيد استهلاكنا للكهرباء سواء بداخل المنازل أو خارجها، ولم يعد غريباً أن نرى غرفاً وأجزاء بداخل المنزل مُضاءة بدون أن يكون هناك احد يستفيد منها، وكذلك الحال بالنسبة لوحدات التكييف.
أمّا المشكلة الكبرى فتتعلق باستهلاكنا للمياه، فأغلبنا تعود منذ الصغر على أن لا يُرشّد في استهلاكه من المياه إلا عند الضرورة، وبالتالي فسلوكنا السائد في استهلاك المياه هو عدم الترشيد.

كلنا تقريباً قد شاهدنا في الصحف خلال الأسبوع الماضي الطوابير الطويلة من المواطنين والمقيمين تحت أشعة الشمس القوية انتظاراً لحصول كلُ منهم على صهريج (وايت) من الماء، وكيف أن الأمر كان محزناً جداً.
ولكن الذي ضايقني أكثر هو رؤيتي قبل أيام لسائق احد الجيران في الحي الذي أسكن فيه يغسل مدخل بيتهم وسياراتهم باستخدام خرطوم (لي) الماء، وحينما طلبت منه بلطف عدم استخدام خرطوم الماء، وإنه يمكنه أن يستخدم وعاء متوسط (جالون) وقطعة من القماش / المسّاحة وسيحصل على ما يريد من النظافة مقابل استهلاك كمية قليلة من الماء، أجابني السائق بإن صاحب المنزل أمره بذلك، وأنه لا يستطيع رفض كلامه.
وقبل ثلاثة أيام تكرر المشهد قبل صلاة المغرب، وفي هذه المرة كان صاحب المنزل واقفاً بالقرب من السائق وهو يقوم باستخدام الخرطوم لغسل المدخل والشجر أيضاً.
وبعد أن سلمت على جاري، اقترحت عليه بإن يستخدم طريقة أخرى أقل استهلاكاً للماء، ولكنه لم يوافق، وعندها قلت له: لنرشد استهلاكنا على الأقل تقديراً لأخوتنا الذين تنقل لنا الصحف صورهم وهم يقفون طوابير طويلة انتظاراً للحصول على بعض الماء،
وعندها قال لي بالحرف الواحد: " يا أخي مصلحة المياه لهم عندي أني أسدد لهم فاتورة الماء إذا جتني. وغير كذا هذا بيتي وأنا حر فيه. . . على فكرة تفضل نشرب شاي".
وعندها فهمت أنه يقول لي يالله مع السلامة.

كم تمنيت في تلك اللحظة أن يضطر هذا الشخص يوماً للوقوف في هذه الطوابير تحت أشعة الشمس الشديدة ليقدر هذه النعمة.


نحن مطالبون بالترشيد في استهلاكنا للماء والكهرباء وفي كل شيء
فالنعم لا تدوم.

  رد مع اقتباس