عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 08 / 2009, 33 : 06 AM   #44
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,671
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 265
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...

/

مذكرات مغتربة في الأفلاج (23)
إصبعان صغيران وخصومة


يا إلهي أشعر بالقلم يتجمد بن أصابعي.. هل حدث لنا هذا بالفعل؟ هل كنت أحلم؟ أجيب نفسي، وليلى؟ هل كانت تحلم معك هي الأخرى؟ والرجل والسلاح والناس هل كانوا رفقاء كابوس مرعب؟ كنا على وشك خاتمة مأساوية تضع نقطة النهاية السوداء.كنا سنتحول إلى عنوان صحف بالخط العريض سيتصدر كل الصحف المحلية ويتقاذف فيه القراء كرة المسؤولية (مسؤولية ما حدث) فمنهم من يلقيها على وزارة التربية والتعليم ومنهم من يلقيها على المعلمات المجني عليهن (لا سمح الله) والكثيرون سوف يلومون أهلنا. لكن الحمد لله سترنا الله بلطفه.

هاتفني أخي لاحقا، كان غاضبا مني حاقدا علي، قال (بغيت أسأل.. الكلام اللي قلتي لي صار في الباص، هو كل الحقيقة؟ وإلا نصها؟ ) قلت ماذا تقصد؟ رد بسرعة ( أقول إنتي مو صغيرة ياشيخة؟ جاسكم هالـ.. وإلا لمسكم؟ لا تخبين شيء) قلت أقسم بالله هذا كل اللي صار ولا قرب منا، أنا قلت لك عندنا سلاحنا ولو محتاجين استخدمناه) ورغم أنه صدقني إلا أنه ختم المكالمة بقوله غاضبا (يا من يطوّلني رقبتك، كنت ذبحتك ودفنتك وريّحت راسي، اسمعي.. للأفلاج مالك روحة خلاص انسي، وإلاّ والله أعلم أبوك اللي مقوّي شوكتك باللي صار).
كنت وقتها قررت أنا كذلك ألاّ أعود مجددا للأفلاج فلم أكترث.


من ناحية أخرى.. فإن ما حدث لنا أثناء هذه الرحلة قتل الفرحة التي تحاول التسرب إلى نفوسنا قبل أن نغادر متوجهين إلى الشرقية، فرحة نحاول إنعاشها لتستوعب كل فياضانات القهر التي تمردت علينا فصبغت ملامحنا بالشحوب والبؤس. فهذه إجازة طويلة سننسى فيها طريق الموت ومشوار الألم، سوف نختبئ عن نظرات الرجال التي تكاد تلتهمنا في كل محطة نتوقف فيها، أنا.. سأجد المزيد من الوقت لأجلس عند قدمي أمي أمسدّها لها كما عودتها منذ زمن وهي التي تلمّح لي بخجل وهي تهم بالنهوض أو الجلوس (تيبست رجيلاتي يابنيتي) يااااااااه كم أحبك يا أمي، الغربة أيقظت فيّ كل عواطفي الدفينة تجاهك، جعلتني أدعو الله صباح مساء أن لا يطيل غربتي بفقدك فهذه هي الغربة الحقيقية.


سأجد مزيدا من الوقت لأجلس بترمس القهوة قبالة أبي الذي يتلذذ بالفنجان من يدي ويتمنى لو شرب ألف فنجان وهو يقلب بين يدي دفتر شبابه وصفحات ذكرياته، وأنا أتفرس في وجه أبي وأتصفح ملامحه، بحثا عن بقية من شباب نسيها الزمن هنا أو هناك فلا أجد إلا العزم وقوة الإرادة والحكمة. يا إلهي لقد نسيت.. ستتزوج ليلى في هذه الإجازة أيضا فقد ملّت الانتظار. أخيرا سوف نفرح فرحة حقيقية.سأفرح من أعماقي لصديقتي التي أحببتها كما لم أحب أحدا قط. وسوف أرقص في زواجها والأهم من كل هذا هو أنني سأقرصها في ركبتها، لعلي (أحصّلها) في جمعتها كما يزعم المصريون. هل ستفارقني حقا؟؟ بالطبع ستكون لها اهتماماتها الخاصة وزوج تعتني به لكنها لن تنساني بالتأكيد.


لا يهم.. المهم أن تكون سعيدة، إنها صديقتي منذ أيام الطفولة. لازلت أتذكر جيدا عندما اكتشفنا أنا وهي أننا مختلفتان عن بعضنا كان هذا في الصف الخامس الابتدائي، قالت لي بعد صداقة حميمة أنت شيعية يا شيخة قلت لها وأنت؟ قالت أنا سنية، لم نفهم ماذا تعني هذه المصطلحات، قلت لها وأنا أغترف من مخزون ذاكرتي الصغيرة: إذا يجب ألا نكون صديقات ومددت لها أصبعي الصغير كإشارة دارجة تنم عن رغبتي في مخاصمتها، كنت أتمنى وقتها أن أبحث عن إصبعي الصغير فلا أجده كي أحتفظ بليلى فقد كنت أعتقد أنه سبب كل الخصومات في الدنيا، مدت لي إصبعها الصغير كذلك وشبكنا أصبعينا الصغيرين تبادلا للخصومة. وكم كنت أتمنى لو شهد الكبار هذا الموقف الناضح بالمرارة. أعادت لي الكاميرا التي أهديتها إياها فلم يكن أحد في المدرسة يعرف كيف يصنع كاميرا من الورق غيري, ورحلنا. في اليوم الثاني ذهبت إلى المدرسة ركضا لأزف خبرا سعيدا إلى ليلى، لكنني وجدتها تركض مثلي لتزف لي ذات الخبر، قالت وهي تشير بيدها يمينا ويسارا شيخة (أنا قلت لأمي إنك شيعية قالت لي عيب لا تقولين هالكلام كلنا مسلمون ولا تتركين صديقتك) شهقت من أعماقي قلت لها (وأنا بعد قلت لأمي إنك سنية قالت وش يعني؟ هذي صديقتك لازم تحبون بعض، كلنا مسلمون) فتحت حقيبتي وأعدت لها الكاميرا الورقية، فأخذتها وهي تضحك. وذهبنا إلى الفصل..


/

  رد مع اقتباس