منتديات الوئام - ( 1 ) السجدات : سجود الصلاة

( 1 ) السجدات : سجود الصلاة

د. عارف الشيخ
السجود في اللغة العربية معناه الخضوع، لذلك يقال فلان يحب فلاناً لدرجة أنه يسجد له، وهذه كناية بالطبع، وإلا صار عبادة، وعبادة غير الله غير جائزة.
والسجود مثلما يكون من باب التذلل يكون من قبيل التسخير أيضاً، لذا فإن سجود غير العاقل مثل النبات والجماد يقال عنه إنه سجود تسخير.
أما في اصطلاح الفقهاء، فإن السجود أنواع هي: سجود الصلاة، وسجود التلاوة، وسجود السهو، وسجود الشكر.
فسجود الصلاة ركن من أركان الصلاة باتفاق الفقهاء، وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنّة والإجماع، قال تعالى
{{ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا... }} الآية 77 من سورة الحج.
وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
{ أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } رواه البخاري ومسلم.
أقول هذا الحديث يفهم منه فرضية السجود، كما يفهم منه كيفية السجود، فكم من الناس من يسجدون، لكنه سجود غير مستوفٍ للشروط، وهذه الشروط هي شروط الكمال عند الفقهاء، أي أن يسجد على أعضائه السبعة : الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين .
وهنا قد يرد سؤال كأن يقال : ما حكم من لم يمكن هذه الأعضاء السبعة من الأرض؟ هل يعيد الصلاة ؟
يقول سيد سابق رحمه الله : هذا الحديث متفق عليه، وورد أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض (رواه أبوداود والترمذي)
ثم قال والعمل على هذا عند أهل العلم .
ويفهم منه أنه لا بد أن يسجد على جبهته وأنفه، وهذا هو رأي الجمهور، فإن سجد على جبهته من دون أنفه فإن ذلك جائز عند بعضهم.
أقول : ويفهم من هذا أنه لو عكس كأن يسجد على أنفه من دون جبهته فإن صلاته غير صحيحة ، إلا أن أبا حنيفة أجاز ذلك مع الكراهة .
إذن الأوْلى أن يمكّن الجبهة والأنف من الأرض، وبما أن تهاون الناس في هاتين العظمتين أكثر، لذا فإن الفقهاء شددوا فيهما.
ويلاحظ أن الناس عندما يهوون للسجود في الصلاة لهم حالات عدة، فمنهم من ينزل بركبتيه أولاً ثم يديه، ومنهم من يقدّم اليدين قبل الركبتين.
لذلك فإن جمهور الفقهاء قالوا إن أفضل الطريقين هو أن يهوي بركبتيه ثم يديه، لما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه (رواه أبوداود والترمذي).
أما الإمام مالك رحمه الله فإنه يرى أن تقديم اليدين على الركبتين عند الهوي للسجود أفضل، واستشهد أيضاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
{ إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه } (رواه أبوداود أيضاً والنسائي وأحمد).
وقال علماء الحديث إن حديث مالك صحيح، وأما حديث الجمهور فقد قيل عنه إنه حسنٌ غريب.
أقول : وروي عن مالك الخيار أيضا ً، بمعنى جواز تقديم اليدين أو تقديم الركبتين.
ويلاحظ أيضاً أن بعض الناس يتتبع المصلين، فإذا رآهم صلوا من غير أن يكشفوا جباههم عند السجود، أمرهم بإعادة الصلاة، وكأن يرى أن السجود على طرف الغترة أو العمامة غير صحيح، وأنه لا بد من أن يكشف جبهته عند السجود، مع العلم بأن البخاري يروي عن الحسن أنه قال : كان أصحاب رسول الله يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل على عمامته ، وقد أخذ بهذا الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، فقالوا بعدم وجوب كشف الجبهة واليدين والقدمين في السجود.
أقول : والمهم أن يطمئن في سجوده، لا أن ينقر كما ينقر الديك، فكم رأينا من يسجد السجدة الأولى ثم لا يطمئن قاعداً قبل السجدة الثانية، بل يرفع رأسه قليلاً ويهوي للسجدة الثانية ، وهذا لا شك أنه مخل بالسجود والصلاة، ذلك أن الطمأنينة في الركوع والسجود ركن عند الجمهور.
ومن الناس من يسأل : هل ندعو في السجود أم نقرأ القرآن؟ أقول إن قراءة القرآن في السجود مكروهة باتفاق ، قال علي كرّم الله وجهه : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن ، وأنا راكع أو ساجد (رواه مسلم).
وقد علّمنا الرسول في حديث آخر ما يجب أن نفعله في الركوع والسجود فقال :
{ وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم} (رواه مسلم).
@@@@@
elgrwany