منهجية التغيير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد : إن مبدأ الإصلاح هو الخطوة الأولى لمنهج التغيير في المجتمعات الإسلامية ، وهو سبب إرسال الرسل من الله تبارك وتعالى وذلك عندما انتكست فطرة الأقوام السلبقين فعبدوا الحجر والشجر من دون الله فكان فساد اعتقادهم سببا لفساد حياتهم الإجتماعية والأخلاقية . وبعد ختم الرسالة والنبوة يحمل هم الإصلاح في المجتمعات العلماء والدعاة والمجاهدين وجميع كوادر المجتمع التي يهمها رفعة الأمة وتحقيق العبودية التامة لله تعالى التي من أجلها خلقنا [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] . فلهذا أحب أن أنقل لكم هذا الكلام وهو كلام في منهجية التغيير والإصلاح : إن كل مجتمع يتكون من ثلاث مكونات هي : الأفكار ، والأشخاص ، والأشياء ، وإن المجتمع يكون في أوج صحته وعافيته حين يدور الأشخاص والأشياء فلك الأفكار الصائبة . ولكن المرض يصيب المجتمع حين تدور الأفكار والأشياءفي فلك الأشخاص ، وينتهي المجتمع إلى حالة الوفاة حين يدور الأفكار والأشخاص في فلك الأشياء . أن السلوك الإنساني هو قصد وحركة ، وأن القصد يتجسد في الفكر والإرادة ، والحركة تتجسد في الممارسات العملية . وهذه المكونات السلوكية تنتظم في حلقات ثلاث يولد بعضها بعضا فتبدأ الحلقة الأولى في ميدان الفكر ، ثم تليها الحلقة الثانية في ميدان الإرادة ، إلى أن تنتهي الحلقة الثالثة في الممارسات العملية خارج الجسد البشري . وانطلاقا من هذا التصور يبدأ الظواهر الإجتماعية بالمقرارات الفكرية التي تولدالغايات ، ثم الإتجاهات النفسيةالتي توجه الإرادات ، إلى أن تنتهي بالممارسات العملية التي تفرز الإتجاهات المتقدمة أو المتخلفة في ميادين الحياة المختلفة . والقرأن الكريم يطرح هذا النسق في السلوك الإنساني والإجتماع البشري بنفس الترتيب الذي عندما يتحدث عن سنن التغيير التي توجه الظواهر الاجتماعية . فهو يشير إلى التغيير الاجتماعي الإيجابي عند قوله تعالى [ إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ] وهو يشير إلى التغيير الاجتماعي السلبي عند قوله [ ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ] كذلك يتطابق هذا التصور الفلسفي لميلاد الظواهر الاجتماعية والتاريخية مع الحديث النبوي القائل : { وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب } والإشارة- هنا - غلى القلب سببها أن للقلب قوتين : قوة الفكر وقوة الإرادة وتتزاوج القوتان لتوليد حلقتي السلوك : حلقة الفكر ، وحلقة الإرادة قبل ولادة الحلقة الثالثة : حلقة الإنجاز العلمي بواسطة الأعضاء في العالم الخارجي . ويشير القرآن الكريم إلى أن التغيير لا يكون مثمرا إلا إذا وجهته قوانين التغيير نفسه ، وأول هذه القوانين : أن يبدأ التغيير في محتويات الأنفس ثم يعقبه التغيير في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والادارية والقضائية وسائر ميادين الحياة الخارجية . القانون الثاني : إن التغيير إلى الأفضل أو الأسوأ لا يحدث إلا إذا قام "القوم" مجتمعين وليس " الأفراد" بتغيير ما بأنفسهم ، وإن آثار هذا التغيير الجماعي تنعكس على ما بالقوم من أحوال سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية بنفس القدر الذي يحدث به تغيير ما بالنفس . القانون الثالث : إن التغيير المثمر يحدث حين يبدأ "القوم " بقسطهم من تغيير ما بأنفسهم ، فإذا أحسنوا هذا التغيير التربوي والفكري تبعه التعيير المثمر في مجالات الاقتصاد والسياسة والعسكرية والاجتماع وغير ذلك . |
الساعة الآن 14 : 09 PM بتوقيت السعودية |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas