منتديات الوئام - المعتمد بن عباد وتغيّر الأحوال

المعتمد بن عباد ملك أشبيلية في عصر ملوك الطوائف من بني عباد عاش خلال الفترة من 431 هـ إلى 488هـ.
كان فارسا، شاعرا مجيدا، يحب الأدب؛ وكانت أشبيلية في ذلك الوقت مقصداً لعلماء العلم والأدب فاجتمع في بلاطه نجوم ساطعة من أرباب ونوابغ القصيد.
دار الزمن فسقطت أشبيلية حيث استولى المرابطون عليها واسروا حاكمها المعتمد وسجنوه في منطقة "أغمآت" في المغرب. واجتمع عليه همّ زوال ملكه، وهمّ بناته اللائي أصبحن معدمات يسرن على الطين حافيات بعد أن كن يطأن المسك والكافور أثناء ملك أبيهن. وهذا ما جسده في هذه الأبيات الرائعة:

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
وكـان عيــــــدك باللـذات معمـورا

وكنت تحسب أن العيـــــد مسعـدةٌ
فساءك العيد في "أغمات" مأسـورا

ترى بنــــاتك في الأطمـار جائعـةً
في لبسهنّ رأيت الفقـر مسطـورا

معاشهـنّ بُعيـــد العـــــزّ ممتهـنٌ
يغزلن للنـاس لا يملكـن قطميـرا

برزن نحــــوك للتسليـم خاشعـةً
عيونهـنّ فعـاد القلـب موتــــورا

قد أُغمضت بعد أن كانت مفتّـرةً
أبصارهـنّ حسيــــراتٍ مكاسيـرا

يطأن في الطين والأقـدام حافيـةً
ًتشكو فراق حـذاءٍ كـان موفـورا

قد لوّثت بيـد الأقــــذاء اتسخـت
كأنها لـم تطـــــأ مسكـاً وكافـورا

لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهـره
وقبل كان بمـاء الـورد مغمـورا

لكنه بسيـول الحــــــزن مُختـرقٌ
وليس إلا مع الأنفـاس ممطـورا

أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه
ولست يا عيدُ مني اليوم معـذورا

وكنت تحسب أن الفطـر مُبتَهَـجٌ
فعـاد فطـرك للأكبــــاد تفطيـــــرا

قد كان دهرك إن تأمره ممتثــلاً
لما أمــرت وكـان الفعـلُ مبـرورا

وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ
فـردّك الدهـــر منهيـــاً ومأمـــورا

من بات بعـــدك في ملكٍ يسرّ بـه
أو بات يهنـأ باللـــذات مســـرورا

ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت
فإنما بــات في الأحــــلام مغـرورا

إنها رسالة لكل من يغتّر بجاهٍ أو يثق بتقلبات الزمان، ولعل أصدق مثل لذلك هو حال بعض الرؤساء العرب خلال الثمانية أشهر الماضية.